الجمعة، مايو 08، 2009

كيف لا يضاجع الأخ أخته؟

صورة النساء كاشفات الوجوه، يزاحمن كتفا بكتف، بل يلامسن ويلمسن صدر بظهر الرجال، يحدث ذلك في كل منسك من مناسك الحج تقريبا، واين يحدث ذلك؟ يحدث في أطهر بقعة في الأرض، وفي بيته الطاهر الحرام، هذه السيناريوهات التي عايشتها أنا شخصيا أكثر من عشرة مرات، كنت طرفا فيها اثناء أدائي للحج والعمرة والحمد لله، وأذكر مرة انني كنت احاول منع هذا التلامس عن زوجاتي بظني انني احميهن من ملامستهن للرجال عندما احيطهن بذراعي ولكن دون جدوى، وسط ذلك الطوفان الهائل من الاجساد الهادرة، فقد كان التلامس والعصر والالتحام يحدث لهن من كل الجوانب، وكانت النتيجة انني شغلت نفسي عن ذكره تعالى باوهام في غاية الغباء... وكأنني كنت ساعتها اظن ان الناس جائوا فقط ليمارسوا هذه الاوهام التي اتوهمها، وكانني كنت اتمنى ان يترك الرجال اعضائهم الجنسية في اماكن سكناهم حتى لا يلامسوا بها نسائي (ما اغباني ساعتها)...وما ادراني ان كل تلك الاعضاء والجوارح تتحول في ذلك المكان النوراني الى جند من جنود الله تسبح بحمده، وربما نعم يحدث ذلك التلامس الذي كنت اخشاه على نسائي، ولكنه مجرد تلامس ليس الا، لان الروح التي تحرك تلك الاعضاء كانت سابحة وهائمة في عوالم اخرى، عوالم نورانية ملكوتية مشبعة بالرهبة والخوف من خالقها جل في علاه في تلك اللحظات، وتتسامى إلى ابعد من الماديات الحسية التي كنت منشغلا بها.
هذه الصورة التي تحتل جميع وسائل الإعلام المرئية وجميع تلفزيونات العالم أيام الحج ومواسم العمرة.. في هذه الأيام المباركات، تؤكد لي حقيقة ان ثمة شبه تناقض واضح في التشدد المتبع في كثير من الدول الإسلامية تجاه ما يسمى بالاختلاط، اختلاط الرجال بالنساء في الأماكن العامة وجميع نواحي الحياة التي تتطلب ذلك، والذي اعتبره من الفطرة ان خلقنا الله تعالى كذلك كي نختلط، وخلقنا رجالا ونساء وأودع فينا غرائز تتحرك فينا في لحظات معينة عندما يحدث هذا الاختلاط، وان نشغّل وازعنا الديني للسيطرة على هذه الغرائز.
فكيف يصارع المسلم غرائزه هذه ويغالب الشيطان ليجازيه الله عن ذلك خير الجزاء، اذا لم يكن يتعرض لهذه الاغراءات؟ كيف يحدث ذلك إذا تم فصل النساء عن الرجال في محميات منفصلة ليمارسوا أنشطتهم الحياتية المختلفة كما صورت ذلك حلقة من حلقات مسلسل (طاش ما طاش) الشهيرة، اعتقد ان الله تعالى لو شاء ان لا تقع هذه المحظورات التي نتخوف منها بين الرجال والنساء والتي اعتبرها طبيعية، لخلقنا في كوكبين مختلفين، كوكب الزهرة لتعيش فيه النساء وكوكب المريخ للرجال، أو لجعل الرجال باردين جنسيا كالمخصيين تماما، ولن يغلبه جل شأنه ان يجعل عملية التلقيح الجنسي تتم بطريقة بعيدة عما حاصل الآن عن طريق الشبق الجنسي الذي يحدث بين الذكر والأنثى.
كلامي هذا ليس دعوة للإباحية بين الجنسين، وليس دعوة للديوثية، وليس طعنا في الاجتهادات المعاشة من أئمة أفاضل لهم منا كل التجلة والاحترام، والذين عاشوا على مر العصور، في مناداتهم بالتشدد وتكميم أوجه النساء وافواههن، وتكميم كل شيئ فيهن بحجة صيانة العفاف. حاشا لله ان أتطاول على هذه الثوابت كما يرونها هم، ولكني اعتقد ان الحياة بلا شك ستكون أجمل لو عشناها دون مغالاة أو تشدد مبالغ فيه. ثم ما المشكلة ان وقعت فاحشة هنا... وفاحشة هناك؟ ألسنا بشر؟ ألسنا أناس غير معصومين من الأخطاء، وان خير الخطاءون التوابون؟ وأتقانا من يستطيع ان يملك إربه، فكيف نمارس اختبار وازعنا الديني ومغالبتنا لشهواتنا ونعصي أوامر الشيطان ونخرج الستنا له ساخرين، إذا أراد لنا بعض الناس ان نعيش في محميات عنصرية تكرس الفصل الجنسي بين الرجال والنساء بهذه الطريقة الملائكية التي تناطح فطرتنا كبشر، بثنا الله في هذه الارض كي نشقي، وكيف لنا ان نغض ابصارنا عن الجنس الاخر؟ والذي فيه عظيم الاجر من لدن الرحمن الرحيم!
أليس النساء هم شقائق الرجال، وهن من أنجبن الرجال؟ وكيف يحدث الانجذاب بين الرجل والمرأة، إذا لم يكن المحرك لذلك محرك جنسي صرف؟ ثم لماذا لا يحدث فصل بين الابن وأمه والأخ وأخته؟ ومن قال انه لن تتحرك في دواخل المحارم في لحظات معينة غرائز اشتهاء جنسي تجاه بعضهم البعض؟ ألم يأمرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام ان نفرق بين الأطفال في المضاجع عندما يبلغون سنا معينة؟ وان يلتزم حتى المحارم من النساء بحشمة معقولة في حضرة ذكور العائلة؟ كيف تكاثر البشر ووصلت اعدادهم إلى ما هو عليه الآن من مليارات لا تعد ولا تحصى، ويعود اصلهم في واقع الامر الى رجل واحد وامرأة واحدة فقط، هما أبينا سيدنا ادم وأمنا حواء عليهما أفضل الصلاة والسلام، ألم يكن الأخ يتزوج أخته ويضاجعها كأمر عادي، والبنت تحبل من أخيها وربما من أبيها... هكذا كان أسلافنا الأوائل يعيشون (والله اعلم) - لم يرهم أحد لكن المنطق والآثار تقول ذلك - وكانوا يتواصلون جنسيا بطريقة أقرب إلى الحيوانات وما يزالون حتى الان في كثير من دول الغرب، قبل ان تتطور لدينا كمؤمنين منظومة القيم بالتدريج.
ما أود ان اخلص إليه، هو ان لا نخاف من هذا البعبع، وان لا نجعل من الجنس تابوها بهذه الطريقة الغريبة، بل بالعكس ان نعترف بأننا مخلوقات تعشق الجنس وتعيش بالجنس ومن اجل الجنس، وان الجنس ليس عيبا، وفي نفس الوقت ننمى في دواخل أبنائنا الوازع الديني، وندرب ابننا المراهق، كيف يشغّل وازعه الديني هذا عندما يجد امرأة تسير في الشارع كاشفة الوجه، فيشعر غصبا عنه نحوها بمشاعر جنسية لذيذة (وهذا طبيعي)، لكنه يجب عليه ان يستحضر خالقه في تلك اللحظات، وان لا يترك الشيطان يركبه كالنعجة، وان يضع في ذهنه انه مخلوق أكرمه الله وائتمنه على ان يكون خليفته في الأرض، وهذا يستدعي ان يكون أنسانا نظيفا على الرغم من مغالبة هذه الشهوة له، وممارسة هذه المغالبة ليست مستحيلة، إذا عملنا بتعاليم الإسلام وسهلنا امور الزواج لكل من بلغ الحلم كما قال الله تعالى في كتابه الكريم، وبالتالي لا يطلق مثل هذا المراهق العنان لشهوته، فتستعبده وتجعله يسيئ ممارستها بطريقة تسيء إليه هو اولا، وتجلب له الامراض بمختلف انواعها وتورده المهالك وتغضب الله.
الغريب في الأمر إننا نعرف هذه الحقائق، ولكننا نتظاهر بغير ذلك، ونحاول مسك العصا من الوسط، فنحاول فصل النساء عن الرجال بهذه الطريقة المغالية، وكان الأفضل ان نغرس في نفوس أبناءنا وننمي فيهم الوازع الديني منذ نعومة أظفارهم، ألسنا مسئولين أمام الله عن تربية أبنائنا التربية الصحيحة وغرس الورع فيهم؟ نفس هذا الوازع الديني، هو الذي يجعل الصبي المراهق يشيح بوجهه عندما يرى فخذي أخته المثيرين المكشوفين وهي نائمة، فيجعله يتذكر أنها أخته ويتذكر الله، فيغالب شهوته بل يجعله يكبح ألاعيب الشيطان.
أيها الناس، يا معشر المسلمين، لقد حان الوقت الذي يحتم علينا ان نغير استراتيجينا تجاه أغلى عملة، ألا وهي الوازع الديني، خصوصا ونحن نعيش في عصر، أصبحت فيه المغريات تنهمر علينا كما المطر، من كل حدب وصوب، وكافة وسائل التكنولوجيا ستعين على تنامي مد هذا الطوفان الذي لا محالة سيقضي على الأخضر واليابس، مهما ضاعفنا من مغربلات المنع والحجب وما إلى ذلك من تصرفات ووسائل لا تسمن ولا تغني من جوع، مهملين تنمية الوازع الديني، ومهملين انتهاج أسلوب المصارحة والمكاشفة مع فلذات أكبادنا.
آسف لأنني عبرت عن رأيي عكس مفهوم قطيع النعام، فشعرت بكتم أنفاسي أكثر من اللازم، فلم استطع إبقاء راسي مدفونا في الرمال، فخرج غصبا عني هذا الكلام الممنوع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق