الأحد، مايو 03، 2009

عندما تهين الأنثى نفسها بنفسها

بالمصادفة عثرت على كم هائل من مسابقات أجمل بكيني في موقع اليوتوب الشهير واعتقد أن هذه الفعالية المتفلتة تقام في مكان ما في أمريكا والبرازيل وغيرها من البلاد التي تقوم سياحتها على الجنس والاثارة، طبعا العيب ليس في سماح موقع يوتيوب بعرض هذه المقاطع، طالما هي مناسبة شعبية يشهدها القاصي والداني بل العيب في منظموها واهم من ذلك كله في من ترضى من النساء (جذر المشكلة) بإهانة نفسها بهذه الطريقة.

وحقيقة أنها مناظر مقززة، تلك المناظر التافهة التي رضيت بها هؤلاء الإناث اللاتي قبلن بعرض أنفسهن بهذه الدرجة من الإسفاف إلى حد يصعب تصديقه، وهذه المشاهد ذكرتني بأسواق بيع النساء الرقيق قديما، عندما كانت تسحب من مكان أشبه بزريبة البهائم إلى ساحة كان يتم فيها عرض النساء عاريات تماما بطريقة عرض اشبه بالمزاد المتعارف عليه الآن، في سوق يتجمع فيه المشترون وعلية القوم والمضاربين والقوادين، كان هذا متبعا في عصور تجارة الرقيق في إفريقيا وكذلك في بعض الممالك الأوروبية القديمة وربما في دول أخرى بطرق مختلفة مثل عهد الحريم والجواري والاماء عند بعض قدماء العرب. وكان العرض في مزادات اوروبا وافريقيا يجرى بصورة تشبه تماما مزاد السيارات الفارهة في وقتنا الحاضر، وكان المشتري عندما تعجبه امرأة (فارهة) معروضة يقترب من المرأة، حيث كان مسموحا في بعض الأحيان ان يتحسس أي منطقة في جسدها، كيف لا وهو من يريد أن يشتري البضاعة، وعليه التأكد من أن البضاعة غير مغشوشة، وخالية من أي نوع من العيوب (الصدمات والخدوش واهتراء المحرك).

وكان منظم المزاد يقف بجانب بضاعته (الثمينة-البخسة) ممسكا بعصاه وهو يصيح ويشير بعصاه في نفس الوقت إلى صدرها عندما يريد أن يتحدث عن مزاياه ومواصفاته، ثم يشير إلى أعضائها التناسلية البادية للعيان، في إهانة واضحة كانت تتم بشكل منظم ومهين لجنس النساء (ما اتفه اولئك الرجال)، وللضحايا اللاتي كن يقعن فريسة لعصابات الرقيق. بيد ان الفرق بين ما يحدث في الزمن الغابر وما يحدث حاليا، هو أن أولئك النسوة قديما كن يُجبرن على تلك الأفعال، ولكن ما يحدث اليوم لا أجد له أي مبرر، سوى إنحطاط قيم هؤلاء النسوة في المقام الأول بغض النظر عن معتقداتهن الدينية وثقافتهن، وفي نفس الوقت هن غربيات متحضرات، اكثر تحضرا من المسلمات كما يزعمن دائما، اي من اللاتي رفعن شعار حرية المرأة وعدم استغلالها جنسيا (عجبي)، هؤلاء النسوة المسخ اللاتي يرضين بإذلال أنفسهن بهذه الطريقة. أنا لا اقتنع أبدا بالإغراءات والأموال وأي فائدة مادية قد تجنيها الواحدة منهن لدرجة ان ترضى بهذه الإهانة، أو ربما أي ظروف اخرى قد تبرر ان ترضى الواحدة منهن بذلك، وخصوصا وان قوانين التحرش الجنسي رادعة جدا هناك وهذا ينفي اجبارها على ذلك. وأنا أدرك تماما ان في مقدور أي واحدة منهن أو معظمهم تجنب مثل هذ الممارسات، ببساطة لانهن لسن مكرهات على فعلها كما كان يحدث قديما. ربما يقول لي قائل وانت مالك وما لهن، دعهن وشانهن، لا يا حبيبي، السنا العرب مثل الامعات نقلد كل زبالة يفعلها الغربيين بالتدريج في مجتمعاتنا حتى تصبح واقعا؟

والغريب في الأمر ان هناك جمهورا كبيرا يهلل ويهتف لهؤلاء الفاجرات وهن يتمايلن بطريقة جنسية شبقة وتهز الواحدة منهن أردافها وصدرها بطريقة مثيرة للغاية، ومسمى المسابقة هو مسابقة أجمل بكيني، ولكن في حقيقة الأمر المسابقة هي للشماعة التي تحمل البكيني وليس للبكيني نفسه، وكلما كان البكيني (ملحوسا) أي قريب من درجة الزيرو من حيث تغطيته لأعضاء المرأة الحساسة وكلما كانت الشماعة مثيرة، كلما كانت غاب قوسين أو أدنى من الفوز بالكأس والاموال والفلوس وربما فتح مغاليق دهاليز مهن الدعارة والاباحية وعالم الافلام بمختلف انواعها. يا للمسخرة ويا للتفاهة، ان تصل نساء العالم المتحضر إلى هذا المستوى من الانحدار والاسفاف الأخلاقي؟. طبعا هذا جانب واحد فقط من أنواع الانحدار الأخلاقي التي تعرض على الملأ وأمام جمهور وفي مكان شبه عام في الشواطئ، ناهيك عن شواطئ العراة والتوبليس (اي ذوات الصدور العارية) التي أصبحت منتشرة بكثرة في كثير من الدول الغربية وغير الغربية. ربما يكون مُبرّرا ومبلوعا لو أقيمت مثل هذه المسابقات في مكان معزول ومغلق أو في تلك الكازينوهات المشهورة بالخمور والدعارة في بعض المدن الأمريكية والأوروبية من باب اذا بليتم فاستتروا، ولكن ان تقام مثل هذه المسابقات على الهواء الطلق ويشهدها القاصي والداني والصغير والكبير، فهذا ما لا يمكنني استيعابه أبدا.

ترى ماذا ستحمل لنا القرون القادمة بل العقود القادمة من مثل هذه المظاهر المتفسخة؟ وهل صحيح ان التاريخ يعيد نفسه؟ وان العالم يكرر بعض الممارسات، سواء كانت في طريقة اللبس أو التصرفات التي كانت تحدث في أزمنة غابرة؟ هل يا ترى نحن مقبلون على عالم سيصبح فيه العري كما كان أيام إنسان الكهف وإنسان الغاب والأحراش ولكن بطرق وتوابل مختلفة فيها ابهار؟ عندما كان لا يستر عورة المرء ما تحت السرة بالنسبة للجنسين سوى قطع صغيرة فقط من النباتات أو الجلود قبل اختراع الأقمشة. ما أعظم الإسلام ومن قبلة جميع الديانات السماوية الاخرى التي جاءت وحاربت كافة هذه المظاهر التي تحيل الإنسان إلى بهيمة، وأعلى من قيمة العقل، ووضع الجنس والشهوة في اطر محددة ونظمها حتى لا تطغي على جوانب التفكير الأخرى في حياة الإنسان.

هل نحن فعلا مقبلون على الزمان الذي تنبأ به النبي في بعض الأحاديث التي رويت عنه عليه أفضل الصلاة والسلام، ما معناه تفشي الزنا والفساد والعري والبعد عن الاخلاق والبعد عن الله إلى درجة ان يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، أو تكرار أفعال أخلاقية فاسقة في أمم سبقتنا عندما قال الله تعالى في محكم تنزيله: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون}الروم41{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم ْ}الرعد11{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ }آل عمران 165.
أنا أخاف ان هذا العصر الانحلالي قد بات وشيكا، واني لأراه على مرمى قرن من الزمان على ابعد تقدير، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، طبعا إذا صح ما أتوقعه وأخشاه، كيف سنحافظ على أنفسنا كمسلمين او غير مسلمين محافظين ومؤمنين بالله، من الانغماس في الشهوات والإنجرار وراءها، وهي بلا شك ستحيط بنا في ذلك الزمان المفترض إحاطة السوار بالمعصم، حيث لن تفيد سياسات حجب ولا منع ولا رقابة من التي تقوم بها كثير من الدول الان لحجب المواد الإباحية واللا أخلاقية، سواء عن طريق الانترنت أو بوسائل أخرى أيا كانت ستستجد في ذلك الزمان. هل ننغلق على أنفسنا أكثر، ونقطع كل صلاتنا بالغرب والذي هو رأس الداء الذي تأتي منه كل تقليعات الأوبئة الأخلاقية والبلايا؟ أو لنكون منصفين يعيدوا صياغتها ويرسلوها إلينا تماما كما يرسلون الينا موادنا الخام مصنعة في شكل منتجات. وهل نكف عن السفر إلى بلادهم للسياحة وطلب والعلم وتبادل المصالح؟ طبعا هذا مستحيل، وما دام ان الأمر مستحيل فأننا سنتأثر بهم شئنا أم أبينا. لذلك وفي اعتقاد العبد الفقير لله الماثل أمامكم صاحب هذه المدونة المتواضعة، انه لا بد من ان نعمل من الآن وبجد عن تصميم مناهج دينية أخلاقية تعمل على تقوية الوازع الديني في أبنائنا، الذين ربما سيشهدون تلك الحقبة والتي أخذت الآن إرهاصاتها بالظهور، أو ربما يكونون جدوداً لمن سيشهدون ذلك الواقع المستقبلي الاليم الذي لا مفر منه، نحتاج إلى أنظمة أخلاقية مدروسة وشفافة حتى نسلح المسلم الصغير بالإيمان وبقوة العزيمة التي تجعله يمسك نفسه ويقاومها وهو يرى حواليه مظاهر العرى والتفسخ في كل مكان فلا ينساق اليها، في زمن ستصبح فيه سياسة الحجب والمنع والرقابة غير مجدية، خصوصا ونحن نشاهد السرعة الهائلة التي يتحول بها العالم الآن ليصبح كل يوم اصغر من اليوم الذي قبله، وثورة اتصالات تجعل مساماته مفتوحة على بعضها البعض بشكل يدعو للدهشة والذهول.

هل التفسخ الأخلاقي هو ضريبة ضرورية لثورة الاتصالات التي تعني مزيدا من التطور؟ والتي تعتبر نتيجة حتمية للثورة العلمية الهائلة التي بدأت منذ منتصف القرن العشرين تقريبا؟ حقيقة إنني اشعر بالخوف من ذلك الزمان الذي سوف لن أعيش فيه حتما. ولكن ربما سيعيش جزءا منه أبنائنا أو أحفادنا. أم يا ترى انني اضخم الامور واشتغل بامور لست معنيا بها لانني لن احضرها او اعيشها؟ واريح نفسي من الهم وادفن راسي في الرمال كما النعامة (بتاعة ايام زمان).

0 التعليقات:

إرسال تعليق