الثلاثاء، يناير 05، 2010

الجهاد بـ «البشت»

الكاتب احمد الفراج كاتب مبدع ورجل لا يعرف يلف ويدور عندما يكتب، ما كتبه هنا عن بعض ملتحينا في عالمنا الاسلامي اوافقه فيه قلبا وقالبا، وقد كتبت عن نفس هذه الفكرة كثرا... اترككم مع مقالته ادناه:

الجهاد بـ «البشت»
جريدة الحياة - الثلاثاء, 05 يناير 2010
أحمد الفراج

تابعت أحد مشايخ الفضائيات وهو يزمجر بأعلى صوته داعياً إلى الجهاد ومبيناً أهميته في حياة الأمة، وقد ردد كلمة «الكفار» ما لا يقل عن 100 مرة، داعياً إلى بغضهم والبراءة منهم وتدميرهم إن أمكن، ركزت على فضيلته فلاحظت أنه يبدو كطاووس من فرط الزينة، وقد لفت نظري مشلحه الفخم، الذي وإن كان قد تم تصميمه بالداخل على أيدي مسلمين فإن مواده الأولية بالتأكيد من صنع الكفار - سجل كفار واحد - الغترة اللامعة صنعت في سويسرا – سجل كفار اثنين - الثوب ياباني أو كوري - سجل كفار ثلاثة - أما الجزمة – أعزكم الله - فصانعوها من معقل المسيحية - سجل كفار أربعة - هذا الشيخ بالتأكيد سيركب سيارته الفخمة التي لم تصنع في بلاد المسلمين - سجل كفار خمسة - ثم سيذهب إلى منزله الذي صنع الكفار كل جزء منه ومن أثاثه - سجل كفار ستة - تفكرت في أمر هذا الشيخ الذي دعا إلى تدمير الكفار من خلال جهاز صنعه الكفار، وحياته كلها تسير بيسر وسلاسة وسهولة بسبب ما أنتجه الكفار، فتساءلت إن كان يعي ما يقول، أم أنه يردد كلاماً لا يعي أبعاده وتبعاته عليه وعلى رفاهيته.

إن أمثال هذا المجاهد المرفه كثيرون، فهم يقولون ما لا يفعلون، وبالمناسبة فإن صاحبنا هذا كان أحد اكبر وأشرس المناوئين للاقط الفضائي، إذ سبق أن اتهم من يسمح بالقنوات الفضائية بمنزله بأنه ديوث، ثم ها هو ذا يطل بكامل زينته عن طريق إحدى هذه القنوات المحرمة، وقبله وبعده كثيرون، أبرزهم ذلك الذي يقدم برنامجاً في قناة فضائية سماها هو بنفسه «قناة الفجور»، وبعقد مالي ضخم جعله يركب أفخم السيارات، ويسكن القصور الفارهة ويقضي إجازاته في بلاد الكفار حتى خلال المواسم الدينية!

إنني أتساءل إن كان هذا الشيخ الفضائي يعلم أن كثيراً من المسلمين عاشوا وما زالوا يعيشون حياة مرهفة في بلاد الكفار بعد أن طردتهم واضطهدتهم دولهم المسلمة، إذ إنهم يستلمون مخصصات شهرية ويسكنون ويُعالجون مجاناً، تلك الدول الكافرة التي آوت المسلمين أم بلدانهم الإسلامية التي طردتهم؟ ثم هل يعلم هذا الطاووس أن الدول الكافرة التي يدعو إلى جهادها تسمح للمسلمين ببناء مساجدهم ومراكزهم وتمنحهم كامل الحرية ليفعلوا ما يريدون؟ بما في ذلك الدعاء على الكفار بالويل والثبور من منابر تلك المساجد! ألا يعلم هذا المجاهد أن مشايخه الذين غرسوا فيه كره الكفار ذهبوا لطلب العلاج في البلاد الكافرة نفسها حينما ادلهمت خطوبهم الصحية، أم أنه يعز عليه ألا يجد مشايخه بلاداً ينشدون العلاج فيها، ثم ألا يدري هذا الشيخ أنه هو نفسه سينشد العلاج في تلك الديار عند أول وعكة صحية تستوجب ذلك؟ إنني أتساءل وأتمنى أن يجيبني هذا الشيخ إن كان يمكن الجمع بين كره الكفار والتداوي عندهم، لأن هذه إحدى أهم القضايا التي تشغل ذهن الكثيرين من دون أن يوجد لها إجابة شافية.

إنني أكن احتراماً عميقاً لكل صاحب مبدأ مهما اختلفت معه، ومن ضمن هؤلاء بعض رجال الدين الذين لا تناقض أفعالهم أقوالهم، فهم يحرمون الفضائيات ويمتنعون من الظهور فيها، ويتحدثون عن البذل ثم يجودون بجل ما يملكون، أما تجار الدين من أمثال صاحبنا الفضائي، فهم أبعد الناس عما يدعون إليه، فأحدهم يتحدث عن القناعة وهو يملك الملايين، وتنتفخ أوداجه وهو يدعو إلى الزهد مع أن آثار النعمة بادية على كامل تفاصيل بدنه، ولذا فإن ما يقولونه لا يتعدى تأثيره في الغالب أرنبة أنوفهم.
__________________

0 التعليقات:

إرسال تعليق