الثلاثاء، يناير 12، 2010

كيف نريد نشر ديننا ونحن متخلفين في شتى النواحي؟؟

اقرأ كثيرا من الدعوات التي أتلقاها عن طريق بريدي الالكتروني، واطالع بعضها هنا وهناك في المنتديات والمدونات الشخصية لكسب الاجر للاسهام في نشر الاسلام عن طريق ارسال بعض المقالات الدعوية المكتوبة بالانجليزية لغير المسلمين من خلال ايملاتهم والمواقع التي يترددون عليها.

هذا كلام طبعا طيب...

وقد حاولت منذ وقت طويل استغلال أي فرصة تسنح لي، لكي أحاول بقدر الإمكان تعريف الاخر عن الجوانب المشرقة في الإسلام... نسبة لأنني كنت أحب دائما التحاور مع بعض رواد المنتديات والمواقع الغربية باللغة الانجليزية.

لا شك أن هذه المحاولات ستؤتي أكلها... ولكن سيكون الأمر أكثر فعالية، لو أصبحنا نحن كمسلمين قدوة في تعاملاتنا وسلوكياتنا الحياتية المختلفة... فالامر اكبر مما نتصور... فأنت عندما تعمل على ترغيب الآخرين ليقلدوك أو يحاكوك أو يقتدوا به ويسيروا على دربك، افعل أمرا أو سلوكا حسنا لا يتناقض مع أساسيات الحياة، ولا يتصادم مع التحضر العقل والفطرة.

مثلا، طبق في نفسك كمسلم حب العمل والاجتهاد والانكباب على الإتقان، ستكون عندها بلا شك دولة مثل اليابان أو كوريا من حيث التطور والنماء والنجاح وهذا لا يتعارض مع الدين الإسلامي وما يدعو إليه... كن رافضا للبدع والعادات الغريبة والمتخلفة التي تتصادم مع الفطرة السوية، فلا تظهر في وسائل إعلامهم بأنك إنسان همجي غريب الأطوار تدعو إلى زنا المتعة وتؤذي نفسك بما يسمى باللطم وتشج راسك أمام الكاميرات وعلى الملأ بالسيف وتسمي هذا دينا؟؟؟ تكمم أفواه الناس كحاكم يختطف بلد بكامله وتنفذ أمراضك التسلطية على شعبه... ربما لأنك غير واثق من نفسك ولأنك أتيت إلى الحكم بطريقة غير مشروعة تتناقض مع تعاليم الشورى الإسلامية أو الديمقراطية، أو تكون وصيا على عقول الناس كشيخ وكعالم دين وتحجر عليهم أي شيء مباح في الحياة وتحيطه بالخوف والحرام حلال، وتجبر النساء على أفعال ليست من الدين في شيء مثل إخفاء هوياتهن واضطهادهن بطرق كثيرة، تنبح بملء عقيرتك في منابر المساجد وتسب الآخر وتدعو عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتتمنى من الله أن يذبح أولادهم ويرمل نسائهم ويرسل عليهم الزلازل والأسقام... عدد فيض تناقضاتنا التي نمارسها كمسلمين وستجدها لا تحصى ولا تعد، أعطوني دولة إسلامية واحدة في العالم لا تمارس فيها هذه التناقضات. وبعد ذلك نشكو ونتساءل وستغرب لماذا نحن متخلفين!! والأمم الأخرى تسومنا سوء العذاب تبطش بنا ليل نهار تحتل أراضينا وتمتص مواردنا (غصبا عنا) وتغتصب نسائنا في أبو غريب... إلى آخر ذلك من ممارستهم لتفاهات علينا، كل ذلك بسببنا نحن، وبسبب أفعالنا وبعدنا عن تطبيق ديننا بشكل صحيح بعيدا عن البدع والآراء الشخصية والعادات والتقاليد، واعتيادنا على مسك العصا من المنتصف، وعدم فهم ضرورة علاج جذر المشكلة ومسبباتها إذا أردنا أن نعالج تبعاتها، وإلا سنصبح كأننا نحرث في البحر، وكأننا يا أبو زيدات ما غزينا.

لا يمكن أبدا والحال كذلك أن ننتظر من مجهوداتنا المختلفة في دعوتهم للإسلام أن تؤتي أكلها كما ينبغي، وننتظر أن يقتنعوا بالإسلام... ربما يقتنعون به قولا ويصدقونها كموعظة حسنة... ولكن عندما ينظروا إلى أفعالنا وأحوالنا المائلة يترددون ويتشككون، وربما يقولون في أنفسهم لو أننا اتبعنا ملتهم، ربما نصبح مثلهم نمارس نفس السلوكيات الممقوتة والشاذة والغريبة التي يفعلونها، رغم أن هذه السلوكيات ليست موجودة في كتابهم ولا يدعو دينهم إليها.

وهناك إشكالية أخرى فيما يتعلق بالإرهاب... نحن كمسلمين يحلو لنا أن نبرر تنفيذ متشددينا للهجمات الإرهابية على أعدائنا... وأنا أرى أن هذا التبرير شرعي ومقبول منطقيا ويجب أن لا نخاف من إعلانه... لأنهم لو لم يذبحوننا ويحتلون أراضينا ويسفكون دمائنا ويرتكبون في حقنا الويلات ويغتصبون نسائنا في السجون، وقد كانت هذه حالهم على كل الدول المستضعفة في الأرض منذ عشرات السنين، ولو عددنا الفظاعات التي ارتكبها المستعمر الأوروبي في شتى دول العالم، والماسي التي نفذها اليانكيين في جميع أنحاء العالم لما استغربنا اضطرار متشددينا المسلمين في تنفيذهم مثل هذه الهجمات الإرهابية... فلو نظرنا إلى اليانكيين فقط، وعددنا الفظاعات التي ارتكبوها في حقنا كشعوب مستضعفة لاحتجت إلى صفحات وصفحات لأعدد كل فظاعاتهم، بدءا من مجازر فيتنام وكوريا ومحاولة إبادة سكان هيروشيما وناجازاكي مرورا بارتكابهم للفظاعات في حقوق السود في إفريقيا وجلبهم كعبيد ليعملوا بالسخرة في بلدانهم، وعملهم الدءوب والمنظم والعلني في زرع العدو السرطاني الإسرائيلي الصهيوني في الوطن العربي، ثم دعمهم له بالمال والسلاح وأكثر أسلحة الفتك والدمار خطورة لما مكثوا في الأراضي التي احتلوها من العرب لمدة سنة أو سنتين ولكان العرب قد أبادوهم عن بكرة أبيهم...

ولكن إذا نظرنا إلى الأمر من ناحية أكثر عقلانية، يمكنني أن أتسائل لماذا نحن كبشر لدينا نفس العقول التي لدى الشعوب الأخرى مثل اليابانيين والألمانيين وغيرهم من الدول التي تطورت وتقدمت بعد أن تعرضت إلى شبه تدمير كامل ورغم ما تفتقر إليه من موارد طبيعة... رغم كل ذلك انتفضوا اقتصاديا وفكريا وعلميا وعسكريا، فأصبح الآن من الصعب على دول الاستكبار أن تجرؤ حتى على مجرد محاولة تركيعهم وإذلالهم كما يذلون ويركعون العرب ومعظم بلاد المسلمين؟؟

الجواب ببساطة لأننا لم نعمل بتعاليم ديننا الذي يحثنا على العمل والإتقان والأمانة وترك الظلم والحرص على العدل وتطبيق القوانين على الناس بشكل متساوي، ووجوب حكم بلادنا بالنظام الشورى والذي هو نظام ديمقراطي، وكثير من المعاني السامية التي عكستها لنا كثير من الآيات القرآنية وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وأتحداكم أن تقولوا لي انه لا توجد أي فضيلة أو إحدى المعاني السامية التي يسعى إلى تطبيقها غيرنا الآن لم يكرس لها ديننا الإسلامي!!... ولكن للأسف عمل غير المسلمون، ومن نسميهم بالكفار بمعظم هذه المعاني العظيمة، وأدى ذلك إلى تطورهم وتنميتهم وقوتهم الاقتصادية والعلمية والفكرية والعسكرية، فاعدوا لنا ما استطاعوا من رباط الخيل والقوة والاقتصاد والعلم والمعرفة ليرهبوننا به... بينما نحن ركنا إلى العواطف والكسل وكل أسباب التخلف، وانشغلنا بتوافه الأمور، والأشياء الثانوية والجدل البيزنطي في أمور لا تثمن ولا تغني من جوع، وبتنا نجتر كثير من خلافاتنا بشأن الأمور الخلافية على مدى آلاف السنين، كما يقول المثل (مثل بول الجمل) الذي يتحرك إلى الأمام والى الخلف.

للأسف يا سادة يا مسلمين هذا هو واقعنا الأليم والمريض، وحيث أننا شعوب متخلفة، فحتى هذا الواقع لا يريد كثير من متأسلمينا وقياداتنا الكاتمين على أنفاسنا الاعتراف به والعمل على تصحيحه، وما يزالون يرموننا بالمبررات الغربية ويقول بعضهم أن الله سخر لنا الكفار كي يخدمونا (ما أتفهم هذا الكلام)، والحياة الدنيا هي جنة الكفار، ونحن جنتنا في الحياة الآخرة... وكثير من مثل هذه المبررات المضحكة التي تتصادم مع كثير من نصوص وتعاليم ديننا العظيم والذي يحثنا على أن نفهم أن قيمتنا في قوتنا، وانه يمكننا أن نعمل لأخرانا ولدنيانا في نفس الوقت، وهذا لا يتعارض مع الإسلام وقيمه، وان نعقلها ونتوكل وان السماء لا تمطر ذهبا... وأننا يجب أن لا نكون كثيرين كغثاء السيل من دون فائدة، كالزبد يذهب جفاء... والمسلم القوي خير من المسلم الضعيف، وغيرها من المعاني الرائعة الباذخة في تحضرها وإنسانيتها وقيمتها وثراءها التي أشار إليها الرسول ومن تربوا على يده على بعد أكثر 1400 قرنا من أيامنا المزرية هذه.

وختاما... من اجل جعل غير المسلمين يتهافتون على ديننا العظيم هذا أحادا وزرافات، لا بد لنا من أن نقرن القول بالعمل، فلا ينفع أن أقدم لهم كلام نظري جميل ومنمق واظهر لهم طوائف وأحزاب دينية متفرقة ومختلفة ومتناحرة في كثير من هذه التفاصيل وفهمنا لها، التي ادعوهم لاعتناقها رغم إنني اظهر بمظهر الضعيف من جميع النواحي... وانتظر منهم أن يقتنعوا بكلامي!!!.

لان هذا في النهاية سيكون حراكا عقيما ولا فائدة منه، ولن يكون مفعوله مؤثرا كما ينبغي...

آسف لأنني نكأت هذه الجراح التي نحاول دائما أن نغطيها بالضمادات من دون أن نضع عليها الأدوية المناسبة، والنتيجة أن جراحنا هذه تنخر فينا كالسوس من الداخل، ثم تفرز صديدا وقيحا وعفنا.
أرجو أن لا يفهم من كلامي هذا إنني أرى عدم جدوى العمل الدعوي، ولكني اشدد على أن نعمل على جبهتين بشكل متوازي، أن نحاول أن ندعوهم إلى ديننا وفي نفس الوقت أن نصلح ما بأنفسنا حتى يصلح الله ما بنا... وبدون ذلك لن تثمر جهودنا في دعوتهم للإسلام وتؤتي المردود المرتجى والذي نطمح إليه... (الواد عامل فيها فيلسوف).

جاكس

0 التعليقات:

إرسال تعليق