الاثنين، نوفمبر 02، 2009

عندما لا يتقيد الفنان بمنهج معين

بعض ما كتب عن الفنان المبدع حسان علي

30 لوحة في معرض حسان علي في القاهرة

القاهرة: محمد الشربيني قدم الفنان السوداني حسان علي المقيم في القاهرة، بقاعة «جرانت» معرضا تشكيليا لافتا ضم 30 لوحة من أحدث ما أنجزه الفنان، استخدم فيها العديد من الخامات «أحبار ـ طباعة ـ ألوان مائية ـ ألوان زيتية ـ ألوان جواش ـ عجائن» ومارس في تنفيذها طرائق عدة، فبالاضافة الى الرسم والتلوين استخدم تكنيكات مختلفة (طباعة سلك سكرين ـ طباعة على الزجاج).
وبتأمل العالم الخاص الذي يعرضه علينا حسان علي، نجد انه عالم يتسم بالقرابة والدهشة، حيث يخضع في لوحاته الواقع للحلم، منتصرا للأخير، وكأنه شارة الخلاص من متاهات الواقع الراهن. ويجسد ذلك بالتنويعات والأشكال والألوان والتقنيات المختلفة، شارحا همومه الشخصية، ومتمثلا هموم الانسان بشكل عام.

ورغم تنوع الخامة الا ان هناك خيطا دراميا يتصاعد في اللوحات، نحسه من خلال الرؤية التي تتواشج فيها غزارة الموروث وعمق الدراسة، وايقاعات العصر، وهو ما يصنع علاقة حية بين اللوحات والمتلقي، تترك أثرا في النفس. كما أن الشكل واللون عنده يكونان في ذاتهما عناصر اللغة الطافية للتعبير عن الانفعال تماما مثلما يفعل الصوت الموسيقي «بالروح».

لوحات حسان علي تجبر المتلقي على النظر اليها بتركيز واهتمام للاستزادة من المرئى من أحلام ملونة تكاد من صدق التعبير عنها ان تلمسها بيدك في طفولة تطفو على سطح مشاعرك ويقفز أمامك سؤال.. كيف تمكن الفنان من فعل هذا؟
تأثر الفنان ببيئة صافية «حيث ولد بقرية قريبة من وادي حلفا ـ شمال السودان ـ» بما تمثله من طرافة وغرابة وما وقعت عليه عيناه في مرحلة الطفولة من مناظر الطبيعة «الصحراء ـ أشجار النخيل ـ النيل» وكذلك طرز البناء والعمارة، وقد احاط به مجتمع يتميز بعلاقات حميمة، كل هذا حمله مخزونا من الألحان والأغنيات الشعبية والنقوش والرموز الأسطورية، وكذلك الطقوس الخاصة مثل عادات الزواج والميلاد والموت وكلها تمثلت في ذهنه وسقطت في خزانة فكره ونفسه، وانتقل الى صقل وتأصيل موهبته بالبحث والتجريب منذ مراحل دراسة الثانوية. انطلق بعدها الى الاسفار والتنقل ويطوف بالبلدان ويشاهد المتاحف وما بها من أعمال كبار الفنانين. العالميين ـ وتأثر بشكل خاص ـ بالفنان كاندنسكي وتجربته في التجريد وكذلك الفنان بول كلي حيث ظهرت تعبيرية الألوان ورمزية العناصر دليلا على ذلك. وهو ما أضفى على لوحاته شحنة عالية من الاثارة، فالتجريد يتم دائما في سياق موضوع، ورؤية انسانية.


ويؤكد لنا الفنان على ذلك «الرسم والتلوين عندي تجربة ذاتية، غير معزولة عن الهموم الحياتية الأخرى، وهي حوار وجدل بين ما أشاهده وما أحسه، فهي اشكالية جدلية بين معرفتي وطريقة تعبيري، ولا تبدأ لوحاتي من افكار مسبقة، وانما تنطلق من صور وقد تبدأ بمساحات أو بقع لونية، خطوط متشابكة أو غير متشابكة، وتتطور من واقع الصراع مع الخامة والسطح حتى تصير شكلا، فاللوحة عندي عمل لا نهائي وصولا لغير المرئي، وأنا مهموم بالتراث ولكني أرفض استلهام التراث بطريقة فجة، كما أنني لا اتقيد بمنهج معين ولا شيء يؤطرني، ولا قانون يحكمني سوى رؤيتي الذاتية وتجربتي وتجريبي».

يعبر الفنان حسان عن تجربته بأن كل لوحة هي حالة عشق يمارسها بكامل طاقته الابداعية، لكن يظل التميز الذي حققه يكمن في الجدة والأصالة والطرافة والاهتمام بالشكل وتكثيفه ليعبر عن المعنى الداخلي في اللوحات.


السيرة الذاتية:

حقا ما قاله الفنان الفرنسي جان فوتريـيه:- ( ان أي شكل فني لا يمكن ان يحركنا ويشد مشاعرنا الا اذا احتوي شيئاً من الواقع مهما كان متناهياً في الضآلة ) والمتأمل للوحات الفنان حسان علي احمد يجد ان مشاعره تنساق في اتجاه اللوحة بتسارع لاهث منغمساً ما بين تفاصيلها وثناياها وجميع التواءتها ونتؤاتها وبعض إستقامتها وذلك لأن كثير من لوحاته ليست بعيدة عن أرض الواقع حتى وإن كان ما يربطها بهذا الواقع خيط متناه في الضآلة أو مجرد لمسة تعبير به بسيطة تكون بمثابة همزة الوصل او بوصلة المشاهد لتسوقه لخفايا اللوحة وربما تفصح عن بعض خباياها وغموضها الي حد ما …… وقد يزول هذا الغموض تماماً مع الإستغراق في ذات اللوحة ويتجاوب المشاهد مع ما يراه من موسيقية الألوان وانسيابية الخطوط وروعة التداخلات المتناهية في الجسد البنائي للوحة الناطقة بما تنضح به روح الفنان حسان الذي يتسأل دائماً بينه وبين نفسه ان كان هو من يرسم اللوحة ام انها ترسم نفسها ورغم ذلك فان النتيجة تأتي واحدة في نهاية مخاض اللوحة وهي ان اللوحة تأتي مستقلة بذاتها تماماً رغم ما تحمله من بعض جنبات وراثية تحمل سمة الفنان وروحه وبيئته التي نشأ وترعرع فيها وهي الأرض النوبية وتحديداً وادي حلفا منطقة دبروسه حيث ولد الفنان حسان علي احمد في 16/12من العام 1954م ومن هذه البقعة تمثل كل مخزونة البصري او كما قال ( هذا الوادى وذلك ما بين الماء والصحراء والفضاءات المفتوحة ) كل ذلك كان له كبير الأثر في رؤية الفنان حسان حيث جسدها في الكثير من لوحاته التي نجد فيها الترف والفرح والالم والبيت النوبي بكل خصوصيته وحميميته اللامتنهائية. تدرج الفنان حسان علي احمد في مراحله الدراسية من الطفولة وأيام الصبا الأول حيث درس الابتدائية بوادي حلفا والمرحلة الوسطي بحلفا الجديدة والثانوية العليا بعدة مناطق متفرقة هي عطبرة وحنتوب وبورتسودان الي ان وصل الي المرحلة الجامعية حيث التحق بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد والعلوم السياسية واما ما فوق الدراسة الجامعية فقد التحق بمعهد التخطيط القومي بالقاهرة تخطيط ثقافي واجتماعي ومن هنا يتضح لنا مدى اصالة هذا الفنان وعمق صلته الروحية بدنياوات الفن والابداع وذلك لانه ورغم دراسته لمادة الاقتصاد والعلوم السياسية والموسومة بالجفاف والصرامة الشديدة إلا انه واصل رحلة نضاله الفنية ناحتاً علي المتاعب متدثراً رداء الجدية والالتزام والمسئولية تجاه اختياره وحتى يثبت لنفسه قبل الآخرين انه اهلاً لأقتحام هذا المجال الموغل في الخصوصية والشفافية حيث لايستطيع الصمود فيه إلا من استن فرشاته جيداً لأثبات الجدارة والوجود داخل الدوحة التشكيلية. والمتابع لمسيرة الفنان حسان بعد تخرجه من الجامعة يستطيع ان يدرك كم كان متمسكاً هذا الشاب بطرق الفن وكأنه إكسير الحياة بالنسبة له. فقد عمل الفنان حسان " بعد التخرج " بهيئة المعارض السودانية " قسم البحوث والتخطيط " حيث اتاحت له فرصة العمل بالهيئة امكانية التنقل والتسفار بصفته مسئولاً من تنظيم اشتراك السودان في المعارض الخارجية فسافر الي كثير من الدول الاوربية وبعض الدول الافريقية والعربية …… ولانه ماضٍ في طريق الفن دون توانٍ فقد انتهز فرصة وجوده في كل من هذه البلاد وقام بزيارة متاحفها ومقابلة فنانيها وقد صقلت تلك المرحله ايضاً اضافة حقيقية في مسيرة الفنان و إتّسعت المدارك وفتحت الآفاق وعمقت الرؤي وهو مازال الي الآن عاشقاً للسفر والترحال حيث الالتقاء والاحتكاك والتعرف علي ثقافات ومدارس فنية أخرى وتدريب بصري مكثف لعين الفنان المستكشفة وقد مرحل الفنان حسان مشواره الفني الي عدة مراحل بدأها بالرسم والتلوين بالابيض والاسود فقط حيث رسم بهما لمدة خمسة او سته سنوات متواصلة ثم انتقل بعدها الي مرحلة اللون قاضياُ عاماً من عمره مجرباً خلط الالوان واستعمالها في لوحة واحدة مما زاده قرباً وحساسية مفرطة تجاه اللون.

ولأن الشمس لا تخفي وجهها وتأبّي إلا أن ترسل إشعاعها دافئاً علي وجه الأرض فكان لابد لفن هذا الشاب النوبي المثابر أن يرى النور فقام بعمل بعض المعارض الصغيرة بجامعة الخرطوم ونادي قريته دبروسه بحلفا الجديدة. ولكن أول المعارض المعترف بها لدى الفنان حسان كان بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية وذلك بدعوة من جمعية الرسم وبعدها توالت المعارض بالسودان في عدد من باحات الوهج المشع نبراساً محتضنة ألوان الفراشات ومعبقة برائحة التاريخ النوبي علي سبيل المثال فندق المريديان، الهيلتون، صالة موره، دار النشر بجامعة الخرطوم والنادى الأمريكى. ويغرّد طائر النورس جناحيه ليحط أعلي قمة الهرم الأكبر ويتشبث بصخورها عاملاً فيها أظافره ليبقي في القمة أو علي أقل تقدير لا يسقط في هاوية الفشل السحيقة، وكانت مرحلة القاهرة بمثابة نقطة التحول في حياة حسان حيث التفرغ الكامل للفن والمعايشة اللصيقة والمتابعة المتواصلة للمعارض، سواء لفنانين مصريين أو أجانب وقد كان لذلك مردوده الرائع والواضح علي لوحات الفنان التي تشكل عصارة الجهد والعرق والتجريب المستمر مع كل اصناف الخامة واللون ولأن الفنان حسان علي أحمد أبى إلا ان يسمو بفنه فوق طرائق السحاب وهامات الجبال فقد كان ومازال اعتقاده بانه بدون التفرغ تكون هناك صعوبة للمبدع التشكيلي في ان يضيف لمسة في مسيرة الجمال والابداع بقدر من التمكن والتفرد والخصوصية وكان ان اثبت وجوده كصوت آتى من عمق الحضارة النوبية وجداريات كنيسة فرس وموروث أمة عظيمة وبلد له ثقله ووزنه الثقافي يسمى السودان فأقام المعارض في أرض الفراعنة واحداً تلو الآخر في عدد من صالات العشق الأسمي لبيكاسو وميرو وشجال وكل رواد هذا الفن الراقي فمن صالة رجب للفنون الي صالة شموع، دار الاوبرا، الهناجر، أتيليه القاهرة، اسباس كريم فرانسيس، المركز الثقافي البريطاني، المركز الثقافي الهندي، صالة المرسم، وأخيراً جاليري قرانت.

وحلق النورس خارج حدود الكنانة بعد اثبات الذات فيها بقدر المستطاع فأقام معارض بدول أخري أعطته شرعية دخولها بجواز مروري يؤهله لدخول جميع المدن التي تتعامل بالجمال في هذا العالم فكان ان زارت لوحاته بينالي الشارقة لثلاث مرات، بينالي جوهانسبرج الأول، المانيا بايرويت المانيا فرن اسبانيا مدريد المركز الأفريقي مرتان، الاردن صالة بلدنا، موسكو مهرجان الشباب، أنجلترا كوفه جاليري، بولندا وارسو ترينالي الحفر، فرنسا ترينالي الحفر، باريس مرتان، جنوب أفريقيا معرض للحفر خاص بحقوق الأنسان " ديربان "، اريتريا أسمرا المركز الثقافي الفرنسي، أمريكا متحف أورلاندو بفلوريدا…… وذلك إضافة لاقتحامه الجريء لعوالم البراءة الطفولية حيث ارتاد آفاق الرسوم الخاصة بكتب الأطفال فأنتج الوحش الغريب الصادر عن مركز الدراسات السودانية، حلم الفراشات دار نشر قراندر الفرنسية، كما حازت رسوم الكتابين علي جائزة نوما من اليابان عام 88/96 وهكذا نستطيع ان نقول كسودانيين ان لنا مناضلين بأسمنا يحملون سلاح الفرشاة معبرين عن تراثنا وتاريخنا وثقافتنا ومشرفين لأسم الوطن في المحافل والمعارض بلوحاتهم الممتطية صهوة جواد الفن والمحلقة فوق سماواللامح.

يقول الفنان:

الرسم والتلوين عندي تجربة ذاتية . غير معزولة عن الهموم الحياتية الأخرى وهي حوار وجدل بين ماأشاهده وما أحسه فهي إشكالية جدلية بين معرفتي وطريقة تعبيري . ولا تبدأ لوحاتي من أفكار مسبقة وإنما تنطلق من صور Images وقد تبدأ بمساهمات أو بقع لونية . خطوط متشابكة أو غير متشابكة . وتتطور من واقع الصراع مع الخامة والسطح حتى تسير شكلا.

وباختصار فإن اللوحة عندي عمل لانهائي ووصول لغير المرئي .

مهموم بالتراث ولكن أرفض استلهام التراث بطريقة فجة . لا أتقيد بمنهج معين ولا شيء يؤطرني ولا قانون يحكمني سوى رؤيتي الذاتية و تجربتي وتجريبي.

المزاوجة بين التراث والرمز واللون في اللوحة يؤرقني وذلك يحدث بدرجة عالية من التعقيد والشفافية لدرجة يصعب معها التحديد. فيزحف الرمز التراثي ويزحف في نسيج اللوحة بتعقيد عال حتى يصبح الرمز لونا واللون رمزا .. وهكذا لا أدري كيف ؟ هو تشابك بين الذات والموضوع . حتى أنني أحيانا لا أدري هل أنا أرسم اللوحة ؟ أم أن اللوحة التي ترسم نفسها ؟ . فاللوحة عندي وبعد مرحلة معينة . يصبح لها وجود مستقل .

الرسام السوداني حسان علي أحمد: أنافس في القاهرة مليون تشكيلي

الإثنين, 02 نوفمبر 2009


القاهرة - عصام أبو القاسم
يعد حسان علي أحمد من الفنانين التشكيليين السودانيين الأكثر حضوراً في المشهد العالمي حالياً. وإضافة الى انتشار أعماله في عواصم عربية وغربية، أحرز الفنان المقيم في القاهرة جوائز عدّة كانت آخرها جائزة «التميز» في بينالي القاهرة.

علي أحمد الذي فاز أيضاً ولمرتين بجائزة «نوما» اليابانية لرسوم الأطفال، هو الوحيد بين الفنانين السودانيين الذي تفرغ للتلوين، تاركاً وظيفته الحكومية بعد سنوات قليلة من تخرجه في جامعة الخرطوم.

يعيش علي أحمد الآن عزلة فنية كاملة في شقته في حي المهندسين في القاهرة، وسط لوحاته ومكتبته الزاخرة. ويستغرق في الرسم بصبر. ويبقى غالباً في مرسمه فيما تتجول أعماله في معارض العالم.

لكنه لطالما كان جوالاً، فمنذ البداية انتقل في مساره التعليمي من مدينة حلفا إلى العاصمة في الوسط، ليدرس الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الخرطوم. فإرادة أسرته كانت أكبر من قدرته على الاستجابة لشغفه المبكر بالرسم، فنزل عند رغبتها ووضع الفن جانباً. ولكن بعد تخرجه عمل لوقت قصير في معرض الخرطوم الدولي وما لبث أن حوّل مكتبه إلى مرسم.

وكان عمله في المعرض أتاح له السفر إلى الخارج حيث زار العديد من المعارض الفنية والمتاحف. وعام 1992 جمع ألوانه ولوحاته وهاجر إلى القاهرة، متفرغاً للتلوين بعدما أكتشف من رحلات سنوية عــدة لعاصمة المليون فنان (كما يسميها) انها المكان الأصلح لاختبار تجاربه وللتعرف الى تجارب الآخرين.

يقول علي أحمد في حديث مع «الحياة»: «شعرت أن بإمكاني مزاحمة أكثر من مليون فنان. كنت أحضر سنوياً إلى القاهرة ومعارضي كانت تجد استحساناً. ورأيت أن الإقامة فيها هي ما يلزمني. وبالفعل أتاحت لي إقامتي هنا لـ 16 عاماً أن أصل بأعمالي إلى عواصم شتى في العالم العربي وأوروبا».
لا يرى علي أحمد أن إقامته في القاهرة أفقدته جمهوره السوداني. وهو يجرّب في التلوين باعتباره متعة شخصية بالدرجة الأولى، كما أن اللوحة في تقديره ليست كلاماً انما خطوط وألوان، مثل المقطوعة الموسيقية تماماً.
لكن كيف ينظر علي أحمد إلى دور التشكيليين السودانيين في ترسيخ ثقافة تلقي الفن الجميل وسط الجماهير؟ يجيب: «منذ فترة عرضت أعمالي في المركز الثقافي الفرنسي في الخرطوم وذهبت آملاً بأن أجد اهتماماً خصوصاً بعد طول غياب. لكن قلة فقط من الأصدقاء حضرت المعرض، وكانت تجربة محبطة جداً بالنسبة إلي، بعدها ما عدت متحمساً للعرض هناك».
ورغب علي أحمد في دراسة التشكيل إلى جانب الاقتصاد، إلا انه كان ملحاً على التلوين. وخشي إذا انتسب الى كلية الفنون الجميلة، أن يتم تحويله إلى قسم آخر. «أكملتُ الاقتصاد ولكنني كنت أشعر بأن إسهامي في هذا المجال لن يكون مرضياً، لا أنفع كاقتصادي وإن كانت تلك رغبة الأهل... عرفت أن النتيجة ستكون مخيبة لذا واصلت في التشكيل بل والتفرغ الكامل له في القاهرة». ويشرح: «صحيح أنني لم أدرس التشكيل دراسة متخصصة لكن في مرات كثيرة استحسنت هذه الفكرة، فلو التحقت بالكلية لما كنت شعرت بالتحدي، أي أن أكون في مستوى الخريجين في كلية الفنون».
تجــربة علي أحمد تنقسم إلى مرحلتين قبـــل التفــرغ. في بداياته ركز على العمل باللونـيــــن الأبيض والأسود بالحبر. فيما اتخذ تفرغه طريقة للتجريب المفتوح بكل الألوان.

وبينما يصنف النقاد السودانيين أعمال التشكيليين عادة، إما باشتغالها في الزخارف النوبية (وهو ما كثر حول تجربة علي أحمد) أو الخط الصوفي كما في مدرسة الواحد أو الأفريقانية.إلا أن علي أحمد يرى في الوقت الراهن أن المهم في النهاية اللوحة ذاتها لا التصنيفات. «ما يشغلني الآن هو كيف ألوّن وكيف أضيف إلى ذلك بصرف النظر عن كوني نوبياً أو أفريقياً أو سودانياً، تجربتي مفتوحة على العالم. ومثل هذه التنظيرات تضيق واسعاً في الحقيقة وتقيد الفنان. أتمنى أن تبقى تجربتي متحررة دائماً».
وعما أضفته البيئة السودانية المعروفة بتعددها في تضاريسها وثقافات ناسها على أعماله، يقول: «أي مبدع يتشكل من البيئة المحيطة به. وفي ذكريات طفولتي دائماً منطقة النوبة، خصوصاً الجبل وكنيسة فرس التي ما زلت مهووساً بها. كما إنني تجولت في جهات السودان المختلفة وكل مشاهداتي في تلك المناطق ظهرت في أعمالي. لكن البعض يتوقع أن يرى بعض الأمور التي لا صلة لها بالتلوين».
ولا يبدو حسان متحمساً للحلول الجديدة التي يلجأ إليها بعضهم في عرض الأعمال التشكيلية في الصالات من خلال استخدام الموسيقي والفيديو والشعر. ويقول: «هي تجارب، لكن من المهم أن تكون أصيلة، الفروق زالت ما بين النحت والتلوين والتصميم والفيديو. كل هذا صار متداخلاً. لكن عندما نجرب لا بد من الوعي بذلك بحيث لا يكون مجرد تقليد ومسايرة لما يحصل في أوروبا». ويضيف: «الجوائز تمنح الآن للأعمال المركبة ويبدو انها الموضة أيضاً، لكن بالنسبة إلي التلوين هو التلوين، والموسيقى هي الموسيقى. إن كنت جيداً في التلوين فلن تحتاج لخدمة الموسيقى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق