الأحد، يونيو 28، 2009

يا له من زواج!

كنت قد لاحظت في الآونة الأخيرة وجود إعلان كبير تم تثبيته في احد الشوارع الرئيسية في مدينة الرياض، وهو مكان استراتيجي يستطيع عدد كبير من السكان مشاهدته، وربما توجد إعلانات مثله في أماكن أخرى، ومضمون الإعلان يعتبر غير مسبوق وهو موجه للشباب الغير متزوجين والقاطنين في العاصمة فقط حسب الخبر الذي قرأته مؤخرا عن هذا التوجه، ويعلن عن تزويج من يقلع منهم عن التدخين، أي أقلع عن التدخين أيها الشاب وستكافأ بتزويجك.

لا اعتقد ان احداً يشك في نبل المقصد من قبل من أطلقوا هذه المبادرة أو الحملة سواء كان من ناحية تشجيع الشباب على الإقلاع عن التدخين أو الإقلاع عن العزوبية، والله اسأله ان يكون في ميزان حسناتهم، ولكن يبدو أنهم لم يتمعنوا في الأمر طويلا، ويدرسوه من جميع الجوانب قبل إطلاق المبادرة، وفي اعتقادي أن هذا الأسلوب إهانة لعلاقة الزواج المقدسة السامية، ويوحي بالتقليل من مكانة أي زوجة ترضى أن تكون منتج يقدم لمكافأة مدخن، صحيح أن المدخن تتحول رائحة فمه إلى رائحة مكب للقازورات، الأمر الذي يجعل من الصعب على أي زوجة السماح لزوجها بالاقتراب منها ناهيك عن السماح له بتقبيلها، هذا إذا استخدم المعجون عند تنظيفه لأسنانه، أما إذا كان من النوع الذي لا يهتم بالسواك قبل الجماع فتصبح رائحة فمه بسبب التدخين معتقة العفونة... عالية التركيز ولن أبالغ إذا قلت أنها يمكن أن تسبب الإغماء أو يمكن أن تحدث تهتكا في الشعيرات الزمخشرية الرقيقة في الرئة (هذه من عندي أنا).

وأنا أجد مليون عذر لأي زوجة تطلب الطلاق بسبب تدخين زوجها (طبعا بعد صبرها عليه بعض الوقت وإنذاره). وعودة إلى موضوع الإعلان، أن الأمر الخطير هو أن الإعلان بهذه الطريقة يعتبر تمييعا لقضية مكافحة التدخين ومحاولة لحلها بطريقة ملتوية، أي محاولة مسك العصا من الوسط وعدم حل جذر المشكلة، إضافة إلا أن الإعلان لا يغطي كافة شرائح المجتمع، لأنه موجه للشباب الغير متزوجين فقط. ورب (مدخن سلبي) يمكنه أن يتساءل: طيب وما ذنبي أنا أن يترك عدد كبير من المدخنين يعيثون فينا فسادا ويؤذوننا بدخانهم؟

كلنا نعلم أن موضوع مكافحة التدخين سيكون حله سهل جدا إذا ابتعد الناس عن مثل هذه الحلول التمييعية، وكثرت معارضته وقويت من قبل عدد كبير من الناس وصناع القرار ممثلين في وزارات الصحة وكذلك الكتاب وأئمة المساجد وعلماء المسلمين، الأمر الذي سيشجع لا محالة السلطات العليا في أي دولة مسلمة في نهاية المطاف على اتخاذ إجراء حازم بشأنه، باعتبار أن واحد زائد واحد يساوي اثنين ولا يصح إلا الصحيح، أي أن تعتبر السلطات في أي دولة وبالذات الدول المسلمة أن التدخين لا يقل خطورة عن المخدرات، وبالتالي يجب منعه حفاظا على صحة المواطنين، وللحؤول دون المزيد من هدر أموال البلاد في معالجة أثاره الصحية والاجتماعية الضارة، وحظر استخدامه... وبالتالي إجبار الناس على تركه.

وما أبسطه من حل.

لا أريد أن أقول انه حرام، ولكن أريد أن أوضح أن أي حاكم دولة مكلف عرفا ودعك من أي أمور أخرى بعمل كل ما من شأنه للحفاظ على صحة الناس طبقا لجميع الشرائع السماوية كما أظن، تماما كما يحافظ على أمنهم، وأنا أتسائل لماذا لا تعتبر الدول أن التدخين لا يقل خطورة عن المخدرات رغم انه ثبتت خطورته على الصحة، فتمنعه كما تمنع المخدرات؟

وقضية مكافحة التدخين بطريقة هذا الإعلان تذكرني بالمثل الشعبي الشائع الذي يقول (يرى الفيل ويطعن في ظله) ولمن لم يفهم هذا المثل فهو يعني انك خوفا من الفيل بدلا من طعن الفيل مباشرة بحربة أو سكين، فانك تقوم بطعن ظله، ويضرب هذا المثل للشخص الذي لا يعالج أصل المشكلة.

وهذا الإدراج عبارة عن تعقيب لمقالة الأستاذة المخضرمة سوزان المشهدي التي تناولت الموضوع بأسلوب ساخر يليق به، والتي عودتنا دائما ببراعتها المذهلة في تحويل قلمها إلى مبضع جراح باتر لمحاولة استئصال الكثير من مشاكل مجتمعها والتي تشبه مشاكل جميع المجتمعات العربية والإسلامية، وفيما يلي المقالة التي نشرت اليوم في صحيفة الحياة:

واحصل على زوجة!

الأحد, 28 يونيو

سوزان المشهدي

نوع جديد من التحفيز مميز ومبتكر وهو ما أطلقته إحدى الجمعيات الخيرية التي تكافح لمحاربة التدخين والتوعية بأضراره وهو كما قرأته في الإعلان الجميل (اترك التدخين واحصل على زوجة) والأجمل منه أنه كان واضحاً وصريحاً على غير العادة، وهو تحديد المستفيدين من هذه الخدمة بالعزّاب فقط، وليس للمعدّدين فيها حظ!

فالأرمل والمطلق (لا يدخلان) في الفئة المستهدفة ربما لأنهما قد جرّبا الزواج من قبل! ولا الرجل المعدد ضمن الفئة المستهدفة أيضاً والذي أقترحه حتى تعمّ الفائدة أن يحصل الأرمل والمطلّق والمعدّد على كارنيه تخفيض أو تتكفل الجمعية بدفع ربع المهر أو المساهمة في دفع ربع نفقات الزواج!

السؤال هو، كيف ستفي الجمعية بوعدها؟ هل قامت بالاتفاق المسبق مع عدد من الفتيات أو أولياء أمورهن على القبول الفوري بأي شاب يقلع عن التدخين أم سيتم تأمين (المطلوب لاحقاً)؟ السؤال الأهم هل يتضمن التحفيز الجديد الفتيات المقلعات عن التدخين واللاتي يتوقع فوزهن بزوج فور إقلاعهن عن التدخين؟ أم سنكتفي بالقول بأن مجتمعنا لا يوجد به مدخنات؟

أقترح أيضاً أن تنتهج بقية المؤسسات الحيوية النهج نفسه فبعد إعلان )غيّر زيت سيارتك)، واحصل على علبة مناديل! إلى اشتر (عبوة) واحصل على عبوتين مجاناً إلى بادر بحجز سيارة واحصل على الموديل السابق بنصف السعر واستبدال ما سبق بـ (اشتر المنتج واحصل على زوجة).

ماذا عن المواصفات؟ ما هي مواصفات الزوجة؟ وهل هناك اختيارات متاحة أم ستكتفي الجمعية بتوفير زوجة فقط من دون النظر إلى دفتر (المواصفات وطريقة التشغيل)!

وماذا عن الفتيات (المكافأة) المرشحات للزواج هل هن يعرفن بأنهن مكافأة لمن يقلعون عن التدخين؟ وهل لو عاد المقلع عن التدخين سيتم سحب (المكافأة) منه على أساس أنه قام بتغيير وضعه من مقلع عن التدخين إلى مدخن؟

كنا في الماضي القريب نستنكر أن الغرب يروّج لمنتجاته باستخدام النساء والآن نحن نقوم بالأسلوب نفسه مع تغيير بسيط يتفق مع رغبتنا في القضاء على مشكلة العنوسة باستخدام أسلوب واحد من منتجات الشعر (الذي يقوم بعملين في آن واحد، فهو شامبو يتغلغل لينظف الشعر وملطف بلسمي جميل ذو رائحة منعشة) اترك التدخين (وزوجة بلس) يعني اثنين في احد!

0 التعليقات:

إرسال تعليق