الأربعاء، يونيو 24، 2009

هل شربت شاي بحليب رجالي؟

لعل من أكثر الناس الذين احرص على معاملتهم بلطف واحترام في المكتب يأتي على رأسهم عامل الشاي والتنظيف الذي يتعهدنا بتعديل المزاج... وسط زحمة العمل والمستندات التي لا تنتهي.

كان زميلي في العمل كثيرا ما يفرض فوقيته ويمارس نوعا من السلطوية على (بتاع الشاي) المسكين. وكنت احذره دائما وأقول له حاول أن تتعامل مع هذا الرجل بقليل من اللطف فأنت الكسبان في النهاية، فيقول لي كيف؟ أقول له هذا الرجل بإمكانه أن يسقيك مكيفات (شاي/قهوة) ربما تحتوي على أمور أنت لم تكن سترضى بتناولها لو رأيتها، قال لي مثل ماذا؟ قلت له أبسط شيء يمكن أن يبصق لك في كوب الشاي، أو على أسوأ الفروض يمكنه أن لا يتعامل مع نظافة الأكواب كما ينبغي، وينطلي عليك إجرامه دون أن تدري.

طبعا صاحبي لم يستطع أن يجادلني فصمت، ولاحظت زيادة في درجة اللطف التي كان يضني بها على العامل المسكين.


ما دفعني إلى هذه المقدمة هو مطالعتنا في الأخبار عن حادثة لها علاقة بالموضوع، وقعت في إحدى المدن السعودية مؤخرا، إذ اكتشف موظفين أن عامل الشاي أضاف سائلا منويا (حليب بشري) وقليل من البول إلى الشاي (ربما يكون شاي بالحليب) وربما يكون أضاف للتمويه نوعا من المنكهات حتى لا تطغي رائحة حيواناته المنوية وشوية بوله على الرائحة فيتم اكتشافه، وللأسف الشديد شرب الموظفين الشاي، وربما شربوه بهذه الخلطة اللذيذة أكثر من مرة، وعرفنا من الخبر أن احدهم شك في الأمر واخذ الشاي إلى احد المختبرات، وصدمنا جميعا عندما اكتشف الحقيقة...


(موسيقى تصويرية خاصة بمشاهد الإثارة).

هذا الحادث يجعلنا نتعلم أن أتفه شيء في هذه الدنيا هو الإساءة للآخرين سواء كانت اساءة لفظية أو بأي طريقة كانت، عندما يزين للشيطان إلى شخص ما ويسول له بأنه إنسان أفضل من إنسان آخر، لا لشيء إلا لان ذلك الشخص ينتمي إلى جنسية معينة وانه أفقر منه (غالبا يكون في الخليج والشرق الأوسط من دول أسيوية أو افريقية) اضطرته الظروف أن يعمل في مهنة وضيعة براتب شهري أتفه من التفاهة نفسها، وتجده إنسان لديه التزامات في بلده تجاه أسرته، وتجده متجرعا حنظل الغربة رغما عنه، كل ذلك في سبيل أن يعيش وان لا تمتد يده ليسرق أو يرتكب حراما. وفوق كل ذلك يجد معاملة تافهة جدا من من يخدمهم.


طبعا هذا الكلام ليس تبريرا لمثل هذه الجريمة التي أقدم عليها هؤلاء العمال كما جاء في الخبر، ولكن هذا لا يمنع أن نضع دائما في حسباننا أن الإنسان عبارة عن خليط من المشاعر المختلفة منها ما يمكن أن يدفعه إلى سلوكيات غير سوية وإجرامية عندما تكثر الضغوط عليه وان النفس امارة بالسوء، فمن المستحيل أن يضمن أي إنسان إنسانا آخر مائة بالمائة، هذا ناهيك عن طريقة تربية الناس كل حسب البيئة التي ترعرع فيها ودرجة ورعه وخوفه من الله، لهذا يجب علينا أن نقوم بواجبنا ثم نتوكل على الله، أي نعامل الناس بلطف واحترام دائما. ارجو ان لا يفهم الاخوان المجني عليهم انني اتهمهم بانهم من اللذين يعاملون من يعملون لديهم بطريقة سلبية، انا فقط اتحدث بشكل عام.

هذا الكلام لا يقتصر على العاملين في المكاتب فقط، بل الأخطر فتكا هم الخدم أو الشغالات في المنازل، اللاتي يتعرض معظمهن لأقسى أنواع التحقير والذل والمهانة من قبل أفراد الأسرة التي يعملون لديها، فلا غرابة أن نسمع في الأخبار عن حوادث كيدية من قبل هؤلاء الخادمات تجاه مخدوميهم، ابسطها استخدام العنف تجاه الأطفال واستخدام أساليب غير أخلاقية غاية في البشاعة طبعا كل ذلك في غياب الأم وبقية أفراد الأسرة، هذا طبعا ناهيك عن إضافة مواد خطيرة إلى الأكل، بعض هذه الأمور يتم اكتشافها وكثير منه لا يتم اكتشافه.

هذه القصص لا تختلف كثيرا عن قصة قديمة حكتها لي جدتي عندما كنت صغيرا وهي أن إحدى الزوجات كانت تلقى معاملة ظالمة من زوجها، وكانت صابرة عليه، وعندما بلغ السيل الزبا كانت تضيف إلى طعامه بعضا من برازها وأحيانا بعض من دم حيضها إلى الطعام وتقدمه إلى الزوج المخدوع، وعندما اكتشف أمرها كانت نهاية القصة صادمة للزوج وعلمته أن لا يسيء للآخرين، وان يعامل الناس كما يحب أن يعاملونه.

اسأل الله أن يهدي البشر المتعجرفين الضالين سبل الرشاد، والله أتضرع إليه أن يعيدهم إلى جادة الصواب، ويعرفوا انه كما تدين تدان، ويتذكروا أن دعوة المظلوم دائما مستجابة، ويتذكروا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان أفضل البشر وكان مثالا للتعامل الراقي مع جميع الناس صغيرهم وكبيرهم، فكيف يدعي إنسانا مسلما انه متدين وانه يحب الرسول وتجده يعامل من يعمل لديه بمنتهي التحقير ويأكل حقوقه جهارا نهارا، ويتقوع ان يمر ذلك مرور الكرام في الدنيا قبل الاخرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق