يقال ان الإنسان إذا حكم عقله في شهوته ارتقى إلى مرتبة عليا.. وإذا ألغى عقله واتبع شهواته نزل إلى مرتبة دنيا أي إلى مرتبة الحيوانات.
أود هنا ان احصر الشهوة في شهوة الجنس أو الفرج فقط وهذا ما سأناقشه وأركز عليه هنا.. في اعتقادي انه لا فرق كبير بين الشهوة بين الحيوان الحيوان.. والحيوان الإنسان.. هي تقريبا نفس الآلية ونفس الدرجة في استبدادها بالإنسان في لحظات معينة.. وليس بالضرورة ان الإنسان إذا اتبع هذه الشهوة نزل إلى مرتبة.. دعونا نقول أنها دُنيا حسب قول المنظرين من الفلاسفة وبعض علماء الدين.
ولا أرى أنني إذا انقدت إلى شهوتي لن ارتقي إلى مرتبة عليا فهذا كلام فلسفي افتراضي... لان المرتبة العليا على حسب فهمي هي تطوير الذات واستخدام العقل لجعل الحياة أكثر سهولة، والسمو في جميع النواحي.. وعملية مواصلة لما بدأته أول أنثى اكتشفت النار وأمور أخرى وما تبعه ذلك من توالي الاكتشافات وتطور أدوات الحياة المادية والمعنوية حتى وصلنا إلى ما نحن عليه من تسخير للطبيعة بواسطة العقل.. واعتقد ان الشهوة عامل من العوامل التي جعلتنا نصل إلى ما وصلنا إليه لأنه لم يكن ليحدث ذلك لو لم نتكاثر بهذه الأعداد المهولة بملايين المليارات والذي بدوره كان سببا رئيسيا في التنوع في الأفكار التي قادت للتطور الفكري وتراكمية...
نحن نعلم ان اصل هذا التكاثر جاء نتيجة لشهوة كانت حيوانية بهيمية عند الإنسان البدائي بدءا من أبينا ادم وأمنا حواء وأول أولادهما قبل ان تتطور منظومة الأعراف التي تشمل الدين والعادات والتقاليد ثم يبدأ التراكم المعرفي الذي قاد وهذّب ونظم الكثير من السلوكيات الجنسية بشكل تدريجي كما نعلم... وأتصور قبل حدوث ذلك سادت فوضى حيوانية عارمة في الممارسات الجنسية بين البشر واحسب ان هذه الفوضى كانت ضرورية لتلك المرحلة.. إلا انه نتيجة للمشاكل والصراعات والاقتتال الذي كان يحدث بين الذكور على الحصول على اكبر عدد من الإناث بما فيهم الأخوات والأمهات والذي هو شبيه بما يحدث لدى الحيوانات.. وقد أجبرت هذه المشاكل على نشوء وتطور أعراف وقوانين وتقاليد لتنظيم الجنس.. أي ان الخوف أصبح هو الرادع بالنسبة للبشر في أزمنة لاحقة من تعدي أي رجل على أي أنثى بدون ضوابط.. الخوف كان البداية وهو الرادع الأساسي وما يزال من التعدي على الإناث والذي أصبح الآن بما يعرف بالزنا بما فيه زنا المحارم ولم يكن كذلك في فترة من الفترات على هذا الكوكب.. ثم تطور ليصبح خوفا من الله عز وجل عندما انتشر الدين وحظر الشذوذ والإباحية كما حدث في قوم لوط لا لأنها مضرة بالمطلق لكن لان إساءة استخدامها وعدم التقيد ببعض الجوانب يؤدي إلى أضرار أو ربما منع الله ذلك لحكمة يعلمها هو وحده مثل تحريم الخمر الذي هو في الأصل مباح وغير مضر إلا في حالة إساءة استخدامه وهذا يمكن ان ينطبق على الإباحية الجنسية لو أُحسن استخدامها لكن هذا مستحيل لطبيعة البشر ونزوعها للفوضوية إذا لم تجد ما يردعها وهذا محفز للاكتشاف والتجريب.. ستظل آلية الشهوة موجودة في الإنسان بنفس عنفوانها الذي بدأت به في الإنسان الأول ويدل على ذلك وجوب تأدب وحشمة الأنثى وعدم إثارتها للرجل بحجب جسدها عنه وبالذات الأعضاء التناسلية وحوادث زنى المحارم والاغتصاب.. وكذلك الشذوذ الجنسي بجميع أنواعه وأشكاله.. وضرورة فصل الأبناء في المضاجع والنهي عن النظر بشهوة للأنثى أو بالأصح محاولة تحجيم تلك النظرة غصبا عن الرجل خوف العقاب.
من هذا نخلص على ان الإحجام عن الجنس الإباحي ليس بالضرورة يجعلني أسمو كانسان بعقلي وان العكس صحيح لن يجعلني انزل لمنزلة البهائم، كون العملية جبرية وعملية كبت وردع ومقاومة وجهاد للنفس لعدم السماح للانقياد إلى ذلك بسبب الخوف.. الخوف من ذكور الأنثى، القوانين، الله، الأعراف، التقاليد، عذاب جهنم، مسئولية العناية بالأنثى في حالة اتخاذها لتفريغ هذه الشهوة (الزواج) وما يوجبه من صرف عليها الخ.. هذا يدل فطريا ومنطقيا ان غريزة الجنس أودعت فينا كمخلوقات كي تُمارس لا ان تُكبت... والأصل ان تمارس بإباحية مفرطة كما كان يحدث عند أقوام خلت حيث كان الرجل يجامع أخته وأمه وأي أنثى يجدها متاحة في طريقه.. قد لا يكون ذلك قد حدث في جميع المجتمعات في تلك الأيام لكن كان هذا هو السائد بشكل كبير قبل تطور منظومة الأعراف والقيم.. وحينما حرم الله ذلك لم يحرمه لأن ذلك يضر بالإنسان بالمطلق إذا أمن الاقتتال والمشاكل الأخرى التي قد تجرها فوضى الجنس وسعاره بدون تنظيم ومن ضمنها المشاكل الصحية واختلاط الأنساب الخ.. لان الأصل في كل شيء الإباحة وضرورة ممارسة الجنس بكثرة للتكاثر حتى يزداد عدد المخلوقات لعبادة الله، لان السبب الوحيد لخلقنا هو لعبادته.. وان الإباحية الجنسية كانت سائدة في وقت من الأوقات رغم وجود العقل.
والشواهد على أهمية الجنس ما وردنا من أخبار عن ان جميع الأنبياء والرسل مارسوا التعدد باستثناء نبي أو نبيين من ضمنهم عيسى عليه السلام.. حيث ان سليمان عليه السلام يقال انه كان لديه أكثر من 70 امرأة وداود كان لديه 13 وكذلك المصطفى عليه السلام كان معددا.. وعندما يكون الرسل القدوة لديهم هذا العدد الكبير من النساء فمن المنطقي ان يحذو حذوهم عددا كبيرا من أتباعهم بممارسة نفس المسلك في ممارسة الجنس أو سمه الزواج لأي سبب من الأسباب وبأكبر عدد من النساء وهؤلاء النساء يمكن ان يكن زوجات أو إماء أو سبايا أو محظيات حتى ان الله قنن ذلك وجعله شريعة وشجع ضمنيا جميع الرجال لممارسته إذ قال انكحوا... ما طالب لكم.. حتى أربعة... ولم يبطل العلاقات الأخرى الخاصة بامتلاك الرجل للإماء..
لنتخيل رجل يمتلك هذا العدد الكبير من النساء... كيف لا يكون معظم وقته يقضيه في جماعهن!!.. لأنه ببساطة من حق نساءه الحصول على حقوقهن في الجماع والاستمتاع برجلهن... إذن هذا يعني بالضرورة ان الرجل منقاد إلى شهوته الجنسية غصباً عنه.. وان وقتاً معتبراً سيقضيه في الجنس وهذا ينطبق حتى على من يقتصر على 4 زوجات أو 3 أو 2 كما آل إليه بعضنا حاليا ... فالقران صالح لكل زمان ومكان حتى قيام الساعة.. وحسب القران لا يوجد ما يمنع أبدا أي رجل من ان يحظى بما طاب له من النساء حتى 4 إضافة للإماء والذي كان سائدا في مرحلة ما.. وذلك الحق مكفول لكل الرجال بنص القران الكريم.. إذ لم يضع الله شرطا سوى الخوف من العدل ليس العدل المطلق إنما العدل المستطاع إليه سبيلا والمقدور عليه حسب إمكانيات البشر كما اخبر عن ذلك المصطفى عليه السلام، أي بمعنى إذا لم يخف يمكنه التعدد.. ولم يشترط الله لذلك ان يكون الزوج غنيا لان ذلك يناقض الإيمان بتوزيع الأرزاق والتي يتحكم فيها الله الذي شجع الذكور على التعدد.. بدليل قصة الإعرابي الفقير الذي أتى الرسول شاكيا فقره فشجعه على التعدد.
ان الانغماس في شهوة الجنس سواء كان مقننا أو بالإباحية لا يمنع الأمم من التطور في جميع الأصعدة كما هو سائد في الغرب حاليا وكما كان سائدا إبان العصر الذهبي الإسلامي الذي عاش فيه علماء كابن النفيس وجابر الخ.. ولا يمنع ان يكون العالم في الغرب لديه أكثر من صديقة بالإضافة إلى زوجته وبعلمها وفي نفس الوقت يكون مبدعا في اكتشافاته وجادا في عمله وتكون معاملته راقية مع الآخرين ويتجنب ما يضر الناس بقدر الإمكان وهذا هو رُقي الإنسان إلى المراتب العليا، لان الرقي لا يقتصر على الجانب الروحي الديني فقط، ولا يختلف اثنان أنه ضروري لخلق التوازن النفسي... لكن هناك كثير من الغربيين الذين وصلوا إلى مراتب عليا في الرقي وهم أصلا كفار من منظور إسلامي بل منهم من لا يؤمن بأي دين.
وفي اعتقادي ان هذا التناقض هو ما تتميز به الحياة الدنيا والذي يؤدي للتنوع بجميع جوانبه المادية والمعنوية.. وأن الحياة والكون مبني على ناموس الحركة إذ ان كل شيء متغير ومتحرك إلا وجه الله وبعض الثوابت على الأقل بالنسبة لنا نحن كمسلمين وأصحاب الديانات السماوية.. لان غيرنا لا يؤمن بهذه الثوابت والنواهي...
أتمنى ان أكون وفقت في إثارة بعض النقاط التي تحفز إعمال الفكر في كثير من الجوانب التي تطرقت إليها. وحتى لا تنخفض لدينا القدرة على رؤية الكليات والتركيز فقط على الجزئيات حتى لا نحكم على الأشياء من مظاهرها ولا نتأنى بدرس مخبرها، وترك تسلسلها المنطقي..
ما سبق مجرد رأي يحتمل الصواب والخطأ.. مع أمنياتي للجميع بأن ينير الله أبصارنا ويهدينا إلى ما ينفعنا لعبادته... والله المستعان.
0 التعليقات:
إرسال تعليق