وزير صحة سعودي ذكي
حسناً ستفعل وزارة الصحة السعودية، والتي كما فهمت من الخبر أنها ستتجه لتطبيق إجراءات جديدة فيما يتعلق بالتأمين الطبي على المدخنين، وأتمنى ان يكون ما فهمته من الخبر صحيحاً وان لا اكون ملقوفاً. في اعتقادي ان من فكر في هذا الإجراء اعتبره أنسانا عبقريا، لأن من حق شركات التأمين ان ترفع رسومها على المدخن، بسبب ان التدخين يجعله أكثر عرضة للأخطار الصحية وبالتالي تكبد شركات التأمين خسائر اكبر عندما يقع فريسة لمرضه المحتوم، تماما مثل زيادة رسوم التأمين على الممتلكات في أوقات الكوارث.
لا شك ان زيادة رسوم التأمين على معالجة المدخنين مع التطبيق الالزامي للتأمين، سيجعلهم يفكرون ألف مرة في المفاضلة ما بين الاقلاع عن التدخين والقبول بتطبيق خصومات جديدة على رواتبهم من قبل المنشأة/الجهة التي يعمل بها المدخن، والتي ستدفعها لشركة التأمين، والذي ارجو ان يكون مبلغا ليس بالقليل، مبلغاً محترما قاصماً للظهر، يسهم في اجبار المدخن على ترك هذا السم الهاري، الذي يسم به نفسه والأبرياء في منزله وفي مكان عمله في دولنا المتخلفة، التي ما تزال تغض الطرف عن تطبيق إجراءات صارمة لمنع التدخين في أماكن العمل. لن أشفق على المدخنين لأنهم سيتحملون رسوما إضافية نتيجة لهذا الإجراء، ولماذا أشفق عليهم وأنا الذي طالما تمنيت في دخيلة نفسي ان يعجل التدخين بأذيتهم أو حتى إصابتهم بالسرطان حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر، ووصفهم بمؤذوين هو اقل ما يمكن وصفهم به، لاناس لا يقيمون وزنا لصحة من حولهم، فأمثال هؤلاء (وقد كنت واحد منهم) يجب ان تتخذ ضدهم اجراءات اكثر صرامة، ومثل هذا الاجراء لو طبق سيثلج صدري لانه سيؤدي الى اجبار عدد كبير من المدخنين للاقلاع عن التدخين، وبالتالي الى إنقاذ عدد كبير من غير المدخنين أو المدخنين السلبيين من اذيتهم، اولئك الابرياء اللذين يعرضهم المدخنين رغم أنوفهم للخطر والموت البطيء، ومعظم الضحايا للأسف أطفال ونساء يعيشون في بيوت المدخنين، لا ذنب لهم إلا أنهم ولدوا في المكان الخطأ.
المشكلة في الأمر ان هذا الإجراء سيجعل كثير من المدخنين يكذبون عند سؤالهم من قبل مندوبي شركات التأمين أو من قبل الطبيب المكلف، الامر الذي سيزيد بلا شك من عدد الكذابين في مجتمعنا، ولن نستغرب إذا وجدنا في كافة المنشات الصحية جهازا لفحص نسبة تركيز النيكوتين في الدم، يُفحص به الجميع إجباريا بشكل دوري، وهو سيكون جهازا لكشف الكذب أكثر منه لكشف التدخين. كما أتمنى على شركات التأمين ان لا (تلهف) هذه الإيرادات الكبيرة التي ستحصلّها من المدخنين لوحدها في حالة تطبيق التوجه، بل ينبغي على شركات التأمين ان تخفض من رسوم التأمين الطبي لغير المدخنين وبالتالي يكون الجميع رابحين.
ولا املك عند تطبيق هذا الإجراء، بل وتطبيق مزيد من الإجراءات المماثلة الرادعة للمدخنين من قبل جهات ووزارات اخرى للتضييق اكثر على الدخان وتعاطيه، ان ارفع يدي مبتهلا لله ان يحفظ وزير الصحة السعودي الذي اهتدى لمثل هذا الإجراء وفكر في تطبيقه، وفي اعتقادي انه سيحمل وزر وذنب المدخنين السلبيين، اذا تقاعس ولم يطبق اي اجراء من شأنه حمايتهم، وفق اختصاصاته وصلاحياته، كيف لا؟ وهو من ولّي أمر مسئولية السهر على الحفاظ على صحة المواطنين، وتطبيق كل ما من شأنه يجعل ذلك واقعاً ملموساً وليس مجرد شعارات، فلا املك إلا ان انحني له واخلع قبعتي واقذف بها بعيدا احتراما له حتى ولو كان مدخناً. على ان يبقى أمر الانحناء وخلع القبعة له مع وقف التنفيذ إلى ان يتم تطبيق التوجه. أتمنى ان يصله ويصل الى غيره من وزراء صحة عرب واي وزراء اخرين معنيين بعصمة المواطنين الابرياء من خطر التدخين رُشاش كلامي الفارغ هذا. واتمنى ان يكون هؤلاء الوزراء اكثر حزما من وزراء دول متقدمة وغير متقدمة عديدة، طبقوا اجراءات صارمة للحد من هذه الافة، لسبب واحد فقط وهو اننا دول مسلمة حري بنا ان نكون السباقون لاحقاق العدل في المجتمع، وعدم السماح لفئة مؤذية من الناس بأن تؤذي فئة اخرى بريئة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق