كثيرا ما يرتكب الأبناء أخطاء غير مقبولة ومتكررة تنم عن عناد لا ينفع معه إلا استخدام الضرب كخطوة أخيرة لردعهم.. الأبوان السويان عندما يضربان ابنهما والذي هو فلذة كبدهما لا شك أنهما لا يقصدان بذلك التشفي والتعذيب من اجل التعذيب.. بل يرومان معاقبته بقصد تأديبه وتقويمه وإصلاحه ليرعوي ويقلع عن التصرف أو الأفعال الغير مقبولة ولكل قاعدة شواذ.. ومهما علت الأصوات المعارضة وسنت القوانين للحيلولة دون استخدام الضرب بقصد التأديب فانه لن يتوقف أبدا في جميع أنحاء العالم.. وقد ظل الضرب وسيلة ضرورية للتأديب منذ ظهور أول أسرة في هذا الكوكب وسيظل كذلك وفي جميع المجتمعات حتى قيام الساعة.
هناك قاعدة شعبية معروفة تقول ان كل شيء إذا فات حده انقلب إلى ضده.. وان خير الأمور أوسطها.. الضرب الذي اعنيه هو الضرب المرشد وفي أماكن معينة في جسم الابن.. وعندما يضطر إليه احد الأبوين يجب ان يمارسه وهو متمالك لنفسه ومتحكم في غضبه حتى لا يكون مبرحا ومضرا وقاتلا، ويجب ان لا يستخدم في أماكن حساسة في الجسم لدرجة الإدماء أو ترك أثار خطيرة في جسده.. وذلك بالتحكم في قوة الضرب، وإذا لم يكن الضارب قادر على ذلك فيجب ان لا يلجأ للضرب في التأديب أبدا.. والأماكن التي يمكن توجيه الضرب إليها هي الأرداف في حالة استخدام عصا أو سوط.. أو على احد الكتفين إذا أراد استخدام كفه.. ويجب ان يحرص الأب عند توجيه الضربة على ان لا تطيش ضربته أثناء محاولة الابن تفاديها لتقع على مكان حساس كالوجه أو الأصابع أو البطن أو أي مكان آخر غير الكتف والردفين.. كما يجب ان يكون بقدر محدود ولا يزيد عن ضربة واحدة أو ضربتين في موقعين مختلفين.. وكثير من الأفعال التي تستوجب التأديب لا تحتاج إلى ضرب مؤلم وموجع بل إلى ضربة خفيفة جدا تجعل الابن يرتدع ويحسب ألف حساب عند التفكير في تكرار نفس الخطأ.
وينبغي اللجوء للضرب كخيار أخير دائما بعد استنفاد كافة وسائل التأديب الأخرى.. وان يحاول الآباء تفاديه وعدم استخدامه بقدر الإمكان ما ان يشعران ان هناك وسيلة أخرى غير الضرب ستؤتي أوكلها في حثه عن الإقلاع عن تكرار ذلك الخطأ.. وآلية التأديب يجب ان تبدأ أولا بالإرشاد والنصح حسب عمر الطفل، وان يشرح الأب للابن الطريقة المثلى لفعل الأمر الذي يريد منه تغييره، ويبين له السبب بأسلوب مناسب. أو إذا أراد ان ينهيه عن تصرف معين يبين له لماذا نهاه وما هي المشاكل التي تنجم عن تصرفه الخاطئ ذلك ويبدأ معه بأسلوب هادئ ويعطيه أمثلة، ثم إذا أصر على تكرار الخطأ يقوم الأب بتحذيره مرة ومرتين مع تهديده باستخدام الضرب.. وكثيرا ما تكون هذه الخطوات كافية لإقلاع الابن عن الفعل أو التصرف الخاطئ.
الضرب بغرض التأديب من الوسائل التي لا يمكن الاستغناء عنها أحيانا في بعض مراحل تربية الابن رغم النظريات التي تطلع علينا بين الحين والآخر في محاولة لمنعه.. وحري بنا بدلا من التركيز على المنع بشكل كامل وتجريمه وتقديم التبريرات غير المنطقية والادعاءات من ان الضرب يؤثر نفسيا على الطفل وما إلى ذلك من أقاويل غير مؤكدة.. فالأجدى ان يركز المعارضين على ترشيد الضرب وشرح الطرق المناسبة البديلة والطريقة المثلى لاستخدام الضرب كخيار أخير بدون تسبيب إيذاء جسدي كما حصل من أباء كثر أساءوا استخدامه وتحول من ضرب بغرض التأديب إلى تعذيب جسدي وتشفي سواء كانوا لا يقصدون ذلك عن جهل منهم أو كانوا يقصدونه.
لو لم يكن الضرب مهماً أو يمكن الاستغناء عنه في تأديب الأبناء لما ذكره رب العباد في الكتاب الكريم وخص به النساء للتأديب.. فمن باب أولى ان يستخدم الضرب للابن وهو أكثر ما يحتاج إلى التأديب مقارنة بالزوجة.. كذلك أوصى الرسول (ص) باستخدامه في حالات معينة إذا أبدى الابن نوعا من الممانعة والتمرد على الاستجابة للنصائح والأوامر.. لا يختلف اثنان من ان عدم تأديب الابن يسيء إليه ويجعله يكتسب عادات سيئة بل مسيئة له وللأبوين في نظر الآخرين.. وعادة ما يطور الابن المدلل الذي لا ينهاه أبويه عن التصرفات الخاطئة سلوكيات تسبب الكثير من الإحراج والإضرار بممتلكات الغير وإساءة الأدب وعدم احترام الأكبر سنا منه، بل يمكن ان يؤدي ذلك لتصرفات يمكن ان تكلفه حياته.. أو تؤدي به إلى الانحراف أو لارتكاب الجرائم إذا لم يردع في مرحلة مبكرة.
المشاكل التي يتسبب فيها الأبناء المدللين والذين لا يتخذ في تربيتهم أسلوب متوازن من الحزم والعقاب واستخدام الأساليب التأديبية الأخرى أي بشكل متوازن.. نجد أثارها واضحة في الدول الغربية التي تجرم ضرب الأبوين للابن.. وثبت ان التدليل وعدم اتخاذ الشدة الكافية في التأديب هي التي أسهمت في إفساد أخلاق الأبناء وأخرجت إلى المجتمع أبناء مفسدين ومنحرفين وهذا واقع معاش في تلك الدول لا يختلف فيه اثنان وأصبح يدق ناقوس الخطر.. وما تفشي حوادث الاغتصاب والممارسات الجنسية والشاذة المختلفة وجرائم القتل في المدارس التي يعاني منها مجتمع كالمجتمع الأمريكي إلا دليل واضح للبعد عن التأديب الحازم للأبناء والذي يجب ان يستخدم فيه الضرب المرشد في كثير من الأحيان.
وكما ان الله يحاسب الوالد الذي يلحق الأذى والتعذيب بابنه بالضرب المبرح.. كذلك يحاسب الله الأبوين خصوصا الأب إذا فرط وأهمل في تربية أولاده بالطريقة الصحيحة المثلى على الصلاح والتقوى وان يحاول ان يحقق ذلك باستخدام كافة وسائل التأديب والتربية بما فيها الضرب المرشد.. فالأبناء في كل الشرائع السماوية والأديان يعتبرون أمانة في عنق الآباء وهما سيسألان عنهم إذا أدى التدليل المفرط في تربيتهم إلى الإساءة إليه.. هذا يعني يجب ان يكون هناك توازن في استخدام كل الأساليب التربوية.. ولا مانع من استخدام الضرب في المنزل وفي المدارس ولكن بنوع من الترشيد كخيار أخير بعد ان يستنفد الأبوان أو المعلمين في المدارس كافة الوسائل التأديبية الأخرى التي يمكن ان تغني عن الضرب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق