الاثنين، أغسطس 24، 2009

خوليو - قصة قصيرة

يشتهر الكاتب المبدع غريب المنسي بالكتابة الساخرة، ولكنه للأسف كعادة معظم المصريين والسودانيين لا يحاول تجويد كتابته من ناحية تصحيح الأخطاء الإملائية، مثل عدم التقيد بوضع نقاط تحت الياء في كلمات مثل مصري، في، بوري، صيفي، ماركسي والتفريق بين الهاء والتاء المربوطة وغيرها من اخطاء شائعة، وكذلك التقيد بضم علامات التوقف مع الكلمات مثل الهمزة والنقطة.

وقد استغرقت وقتا طويلا في تصحيح مثل هذه الأخطاء في القصة ادناه. ولكن القصة الساخرة تستحق العناء في تصحيح هذه الأخطاء حتى تصبح قراءتها أكثر إمتاعا. إلى جانب أن أهمية ضم علامات التوقف مع الكلمة تحول دون أن تقفز العلامة لوحدها إلى السطر التالي في حالة جاءت في آخر السطر. وللأسف هذه من الأخطاء الشائعة، في حين أن برنامج الوورد كفيل بتصحيح جميع هذه الأخطاء في وقت وجيز جدا في سبيل محاولة تجويد الكتابة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خوليو – قصة قصيرة

للكاتب غريب المنسي

كان الرئيس يجلس على شاطئ شرم الشيخ في يوم صيفي جميل وقصر الرئاسة الفخم من خلفه وأمامه مياه الخليج الزرقاء الصافية، وفى هذا اليوم - ومثل أي يوم من أيام الأسبوع - كانت مائدة الرئيس عامرة بكل فواكه البحر، فعلي المائدة الرئاسية صينية بوري مشوي يتصاعد منه البخار قادم لتوه من بحيرة البردويل، وطنجرة مليئة بالجمبري الجامبو السويسي المسلوق والممنوع تداوله في الأسواق لدواعي اجتماعية، ومشنة لا ترى لها قاع من كثرة أنثى الاستكوزا والتي تصطاد له خصيصا يوميا من شواطئ الغردقة، بالإضافة للمقبلات والمشهيات يوجد صحن كبير من الأرز البورسعيدي الأبيض المفلفل يتوسط المائدة. ومع ذلك بدا الرئيس مهموما، فمشاكل البلد في ازدياد وصحته لم تعد قادرة على العطاء والمعارضة كما هي مازالت رذلة!! وبذكاء صرف الرئيس الحراس من حوله حتى لا يراه أحد وهو ينسف البوري نسفا ويبلع الجمبري بلعا ويدمر الاستكوزا تدميرا ويتجشأ في حب الوطن!!

وقبل أن يبسمل الرئيس ليبدأ غذاؤه قفز على الكرسي المواجه له عفريتا من الجن اسمه "خوليو" وشرح للرئيس ظروفه بسرعة ليطمئنه وحتى لا يستدعى له الرئيس الحرس، فلقد كان خوليو في حياته الدنيوية" مسيحي علماني" ماركسي معارض للكنيسة يشرب الخمر و يدخن الحشيش ويسرق ويزنى ويكذب وقد تعرض لعملية شلح وحرمان كنسي غير عادل من وجهة نظره الأمر الذي جعله ينتحر كمدا، وعندما صعدت روحه إلى بارئها وجد الملائكة أن روحه شريرة لدرجة أنهم فصلوه عن بقية البشر وأرسلوه ليعيش مع الجن الأزرق تحت الأرض فوجوده في السماء يخلق حالة من الطوارئ والعصبية بين الملائكة لا داعي لها. وهناك في سرداب تحت الأرض تعرف على الجن المسلم المصري"عبدول" وهو أيضا طريد رحمة السماء ولأنهم بلديات فقد تمت بينهم صداقة وتعاون ابليسى وتبادل للخبرات. و في مقرهم الشيطاني ولقتل الوقت ولربما لوطنيتهم كانوا يفكرون في مشاكل مصر الطائفية.. وبذكاء ابليسى توصلوا لفكرة وجدوا أنها جديرة بالعرض على رئيس الجمهورية ولكنهم اختلفوا على من لديه الشجاعة لمواجهة الرئيس، فعبدول المسلم يعرف أنه مطاردا ومطلوبا لجهات أمنية فوق وتحت الأرض أما خوليو ولأنه من الأقلية فله بعض من التأييد الغربي وبعض من حقوق الإنسان وبعض من الكاريزما.. وبعد أن اطمئن الرئيس لوجوده بادره خوليو قائلا:

- سيدي الرئيس لدى اقتراح سيساعدك كثيرا على التخلص من همومك وسيعيد لك شبابك وشهيتك!! هكذا قال خوليو وهو يرمق طبق الجمبري بطرف عينه.

- قول اقتراحك على طول واختفى قبل ما اطلب لك رفاعي الرئاسة.. وبدأ الرئيس يبسمل ويحوقل بكل ما أوتى من ذاكرة دينية بتعاويذ لصرف العفاريت.

- إيه رأيك يا ريس في فكرة أن تكون مصر دولة مسيحية؟ وقبل أن يرد عليه الرئيس بعصبية طبيعية لرجل مسلم استطرد خوليو في الكلام وبسرعة حتى تصل فكرته للرئيس مباشرة وبدون تراشق بالكلمات.. سيدي الرئيس اقلب الطاولة على البابا وحول مصر لدولة مسيحية وشوف هو حا يعمل فيها إيه؟ هو مستخبي وراء انه بابا للأقلية ومصور الأقلية للعالم على أنهم شعب من الملائكة لا يوجد بينهم لص ولا مرتشي ولا زنديق ولا سكير.. ولا حشاش!!.. وسيادتك اللي عمال تحرق في أعصابك وتحاول تراضى الغرب وتيجي على الأغلبية لأنه عيب أن الأقلية يشتكوا.. وهو عايش في أمريكا على طول ومزاجه حلو !! بيجي مصر بس يشم هوا!!

- بدأت الفكرة تصل للرئيس الذكي ونظر إلى خوليو بعيون ابليسية وابتسم لهذه الفكرة الشيطانية وقال لخوليو..

- بس يا خوليو القرار مش في أيدي أنا ما تفرقش معايا كتير دين الدولة بقدر ما تفرق معايا في استقرار الحكم والاستمتاع بملذات الحياة..

- رمق خوليو طبق البوري بطرف عينه مرة أخرى وقال للرئيس أنا وعبدول فكرنا في هذه النقطة يا ريس وسنزودك بخاتم سحري بمجرد ما تشهره في الهواء في وجه الشيوخ والبرلمان والوزراء سيوافقون في الحال على اقتراح التحويل ولن تلاقى أي صعوبة في إقناعهم.. بل ستفاجأ بأنهم يهتفون وراؤك بالهتاف الشهير " قول يا ريس ياللي كلامك حكم "!!

- طب والشعب.. كيف لي أن أقنع ما يزيد عن سبعين مليون مواطن بهذه الفكرة؟

- ودي برضه محلولة يا ريس.. أطلع لهم ع التلفزيون وشاور لهم والخاتم في صباعك وسوف تفاجئ بأن هذه الملايين سوف تحول دينها في غمضة عين. فهم مؤمنون بعدم معصية الحاكم..!!

- فكرة جهنمية يا خوليو.. فين الخاتم؟

- لا لا.. الخاتم يا ريس سأعطيه ليك بعد ما تقنع البابا.

- دا أنا عاوز الخاتم مخصوص علشان أسيح البابا.. أنت عارف أنه واعي وعقر.

- البابا يا ريس محصن ضد الخواتم.. وهو ده الاقتراح.. لو أقنعت البابا حا تبقى حياتك عسل. لازم البابا يوافق قبل ما نعطيك الخاتم!!

- ماشى يا خليو.. حا شوف البابا رأيه إيه؟؟!!.. أنا مقتنع ومتأكد انه حا يكون مبسوط، هو فيه أحلى من أنه يكون البابا لثمانين مليون مصري؟؟!!

- أتمنى لك التوفيق يا ريس مع البابا.. والآن اسمح لي أن أنصرف لقد تأخرت على عبدول.. الجن المسلم اللي قلتلك عليه.. زمانه قلقان عليا خالص!!

- ماشى يا خوليو.. توكل ع العذراء.. عاوز حاجة؟

- طلب بسيط يا ريس

- أطلب يا خوليو يا حبيبي

- ممكن أعمل شندوتش جمبري؟!!

****

بعد أن انصرف خوليو جلس الرئيس يفكر جديا في هذا الاقتراح الشيطاني وقرر أن يستدعى البابا ليشاوره في هذا الاقتراح.. وعلم الرئيس أن البابا قد ذهب للولايات المتحدة ليدلك بيضتيه في كليفلاند، فأرسل له طائرة رئاسية طبية خاصة لتأالرضا.لى عجل وكانت المفاجأة أن رجال الحرس الرئاسي لم يجدوا البابا في المستشفى كما أشيع ولكنهم وجدوه في إحدى ضواحي واشنطن في اجتماع خاص مع سيناتور جمهوري من متشددي اليمين المسيحي!! فجلبوه على عجل ليجتمع بالرئيس على شاطئ شرم الشيخ وهناك كان الرئيس منتظره بملابس البحر وقد علت وجهه ابتسامة الرضا.. فاليوم ستكون كل مشاكل البابا ومشاكله قد حلت وسيكون البابا هو رجل الدين الوحيد فمصر... وحتى يزيل الرئيس الرسميات في اللقاء طلب من البابا أن يتخلى عن ملابسه الكنسية ويلبس لباس البحر ويعود لأيام الشباب الأولى قبل أن يسلك الطريق الديني، ووافق البابا على أن لا يلبس شورت، اكتفى البابا فقط بخلع الطربوش البابوي، وبقى بكلسونه الأسود الطويل وضحك الرئيس ضحكة مجلجلة عندما اكتشف أن البابا أصلع!! وهذا ما دعاه للدخول في الموضوع.

- إيه رأيك يابابا في فكرة أن مصر تتحول إلى دولة مسيحية وتبقى انته الكل في الكل؟ والحلاوة يابابا أن كل القوى الظلامية في البلد حتكون تحت أمرك.. كله مثلث بالثلاث.

نظر البابا للرئيس نظرة عميقة وظهرت على وجهه علامات الغضب ولكنه كظم غيظه وأردف قائلا:
- سيدي الرئيس العب غيرها!! أقصد أرفض وبشدة هذا الاقتراح.

- ليه يا بابا؟

- سيدي الرئيس.. أنا قرفان من عشرة مليون مسيحي، وسيادتك عاوز تخليهم ثمانين مليون مسيحي.. أحل مشاكلهم ازاى يا ريس؟ أنا مستور لأنني عايش على موضوع الأقلية والغرب كتر خيره متعاون معايا لرفع معنويات الأقلية!! لو طبقنا اقتراحك يا ريس حابقى ولا بابا أثيوبيا !! مش لاقى يأكل!!

- بس يابابا حتشتري دماغك.. وحتبقى نمرة ثلاثة في مصر.. طبعا بعدى وبعد ابني!!

- لا.. يا ريس.. يفتح الله.. انته عاوز تخرب بيتي !!

- ليه؟

- يا ريس.. أقباط المهجر عندهم أولاد وعملوا بيزنس على هذا الأساس.. أقليات مضطهدة !! طبعا حيقفلوا. وعندك جمعيات حقوق الإنسان – المسيحي طبعا – حا تقفل. وعندك كمان سيادتك حتحولي سبعين مليون مصري معظمهم علماني واخوانجي سابق وظلامي بالسليقة ومعظمهم مرضى ومعظمهم عوانس ومعظمهم عاوز تعليم !! انته يا ريس بتكرهني!!

- يا بابا اسمعني..

- لا بابا ولا زفت يا عم.. أنا يا عم مبسوط كده.. ولو سمحت أنا عاوز أمشى، عاوز أروح أعتكف في وادي النطرون وأستغفر الرب على هذا الالجن. الشيطاني.

وهم البابا ليلبس عباءته السوداء وطربوشه البابوي وأسرع مهرولا وكأنه مس بعفريت من الجن.. وسمع الرئيس يقول في سره:

- آه يا خوليو الكلب والله لأوصى عليك رفاعي يخلى حياتك جحيم

للمزيد من مقالات المنسي: http://www.ouregypt.us/Bgharib/main.html

0 التعليقات:

إرسال تعليق