الاثنين، يوليو 20، 2009

شكرا تركيا



رغم علمانية هذا البلد الذي يسمى تركيا، إلا انه ببعض من مواقفه ذات العلاقة بروح الإسلام ومثل الإسلام التي تدعو للحق والصلاح وخير البشرية، فهي دولة عظيمة ذات مواقف تثلج الصدور وتزيدني كعربي مسلم إعجابا بهذه الدولة الأوروبية العلمانية الميول.

إجراء التشديد على حظر التدخين الذي طبق مؤخرا، وتم بموجبه فرض غرامات صارمة على مخالفي القوانين، كان من باب أولى أن تسبقها إليه الدول العربية، وفي اعتقادي أن هذا من أوجه التخلف الكثيرة التي نعيشها والتناقض الواضح بين المثل التي يدعو إليها الإسلام وتطبيقه كواقع معاش في حياتنا اليومية في دولنا العربية الإسلامية.

فكما هو معروف أن الإنسان ليس حرا أن يدخن في أي مكان يعرض فيه صحة أي شخص آخر للأذى، فهذا قطعا ليس من الحرية... وحتى عندما يدخن الإنسان في مكان لا يعرض فيه صحة الآخرين للخطر فهذا أيضا ليس من الحرية... لان هذا المدخن عندما يصيبه سرطان أو أي مرض عضال ستصرف عليه الدولة من مال المواطنين الآخرين والذين معظمهم غير مدخنين، فكيف أكون حرا وأنا أتسبب في خسارة الآخرين؟

ولو كنت في مكان المشرعين في تركيا، لأمرت كل منافذ بيع التدخين أن تقدم لمتعاطي هذه السموم إقرارا لكي يوقعه عندما يأتي لشراء الدخان لأول مرة بعد سريان القانون، ويكون هذا الإقرار شهادة من المدخن عن عدم مطالبته للدولة بان تصرف عليه عندما يصاب بأي مرض من الأمراض الخبيثة مثل السرطان وأمراض الشرايين وخلافها، وان يقر بعلاج نفسه من حر ماله أو تقوم الدولة بالصرف على علاجه وتصادر أي شيء من ممتلكاته لبيعه لاسترداد أموال المواطنين الآخرين التي تم صرفها في علاجه.

لأنني كمواطن تركي، ما هو ذنبي أن يذهب جزء من نصيبي في مال الدولة ومن الضرائب التي تأخذها مني في علاج مثل هذا الإنسان المتخلف المؤذي لنفسه وللآخرين، كما انه من حقي كمواطن أن تكون هناك آلية معينة تتيح لي أن اشتكي وأقاضي أي شخص يتسبب في أذيتي بتدخينه السلبي، وان تشكل محاكم سريعة للتعامل مع مثل هذه الشكاوى، وأخذ هذه الشكاوى بجيدة وصرامة لتعويض المدخن السلبي ومعاقبة المدخن متى ما ثبت للمحكمة ذلك.

ولكن الأهم من هذا كله وكما ناديت دائما في إدراجات سابقة أن تتحمل الدولة مسئوليتها، وتثوب إلى رشدها، لأنها هي المسئول الأول عن توفير الدخان في البلاد، ولن يضير الدولة شيء إذا كانت دولة نزيهة أن تعامل الدخان معاملة الحشيش والمخدرات التي يتم تعاطيها كالسجائر، فأنا في اعتقادي أن لا فرق كبير بين ضرر كل منهما، صحيح أن الحشيش إضافة إلى تسببه الأذى الصحي يذهب العقل ويقود إلى ارتكاب الجرائم، ولكن في النهاية هو مثله مثل تدخين السجائر في تسبيبه الأذى الصحي بمتعاطيه وبالآخرين من المدخنين السلبيين، وبالتالي يجب أن يعامل السجائر العادي معاملة الحشيش والمخدرات، ويمنع بقرار من السلطات العليا حتى يكون ملزما، ويتم قطع الطريق لمفايات الدخان أن لا يحاولوا إفشال عملية المنع بحججهم الواهية، وهكذا يتم حل جذر المشكلة، ولن نحتاج إلى صرف كثير من الأموال في إنشاء محاكم وجهات لإنفاذ هذا القانون والتي ستكلف الدولة كثيرا بلا شك، إضافة لتوفير أموال فواتير ثقيلة غالبا ما تدفعها وزارات الصحة بالعملات الصحبة وبملايين الدولارات لعلاج المرضى المصابين بأمراض لها علاقة بالتدخين. أليس أكثر فائدة أن تصرف مثل هذه الأموال التي تذهب في علاج هؤلاء المجانين إلى علاج أمراض أخرى وتطوير الخدمات الصحية في البلاد؟ أليس من مسئولية الحاكم والمسئولين في الدولة أمام الله عندما يصاب الناس بأذى نتيجة للتدخين؟ وألن يحاسبهم الله على هذا التفريط؟ أتمنى أن احصل على إجابات عقلانية على هذه الأسئلة المؤرقة. مع أمنياتي لجميع المدخنين أن يشفيهم الله من تخلفهم ويذهب عنهم رجس هذا الأذى. ودمتم أصحاء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق