فرغت قبل فترة من إجراء استبيان صغير، ان جاز ان نطلق عليه استبيانا، وذلك على مجموعة من الإناث تبلغ 38 أنثى ضمت بعض قريباتي إضافة إلى أخريات من جنسيات مختلفة، إذ ضمت العينة إناث ينتمين إلى أكثر من 5 جنسيات مختلفة عربيات وآسيويات وغربيات، وقد طرحت عليهن سؤالا واحدا مشروطا هو: إذا قدر لك أن ترزقي بطفل واحد فقط في حياتك، أي جنس ستختارين؟ اذكري السبب حسب وجهة نظرك؟ أجيبي فقط بذكر أو أنثى.
وكانت أعمار الإناث مختلفة ومتباينة، وكلهن فوق سن الثامنة عشر، إضافة إلى عجائز يبلغن من العمر عتيا. ومن بين هؤلاء الإناث متزوجات وإناث غير متزوجات. وكانت النتيجة مذهلة بالنسبة لي إذ أجابت كل النساء بأنهن سيخترن إنجاب مولودا ذكرا، وأجابت اثنتان فقط أنهن يفضلن أنثى:
وتمحورت أسباب النساء الإناث اللاتي اخترن الإجابة ذكر فيما يلي:
- أفضل الذكر لأنني سأضمن سندا ماديا عندما أشيخ مقارنة بالأنثى التي ستكون مقيدة من هذه الناحية حتى ولو كانت تستطيع ماديا، حتى ولو سمحت لها ظروفها بالعمل.
- أفضل الذكر لشعوري بان الذكر له علاقة بالأمان والقوة والحماية.
- لان الذكر يحمل اسم العائلة.
- تفرض العادات والتقاليد أن ينفق أبوي الأنثى أموالا طائلة لتجهيز ابنتهما للزواج ودفع المهر في الهند.
- الذكر لا يخشى عليه في أمور كالشرف بالقدر الذي يمكن أن يشكل هما مقارنة بالأنثى أثناء تربيتها.
- تظل الأنثى تشكل هاجسا لأهلها حتى بعد زواجها ويصبح طلاقها وعودتها إلى بيتها واردا دائما، وما يشكله ذلك من عبء اجتماعي للعائلة بسبب وصمة الطلاق حتى ولو كانت مجني عليها.
- الذكر ليس لديه عذرية تنفض بطريقة لا ترضي والدته والمجتمع. وحتى ولو وقع ضحية اغتصاب فالألم النفسي الذي يصيب الأم لا يكون بالحجم الذي يصيبها فيما لو حدث ذلك للأنثى، خصوصا إذا تسبب ذلك في فض عذريتها وحملها.
- الذكر دخله في العمل عادة يكون اكبر من الأنثى.
- الذكر يرث أكثر من الأنثى، وهو أفضل في الشهادة من الأنثى.
- اعتقد أن تربية الذكر اقل تكلفة من الأنثى.
- الذكر عادة يكون افقه أوسع في معظم أمور الحياة وذلك نظرا للحرية التي يكفلها له المجتمع في التحرك والتنقل مقارنة بالأنثى مما يكسبه خبرة في المجالات الحيوية.
- الذكر يتفاخر به الناس في الأنساب في جميع المجتمعات أكثر من الأنثى.
- التفكير في إنجاب ذكر يجعلني اشعر بشعور غريب له علاقة بسد النقص الذي أوصم به والراسخ في عقلي الباطن، وذلك بإنتاجي لجنين ذكر ملكي ومن لحمي ودمي واشعر انه امتداد لي، ويحمل الأعضاء والصفات الذكورية التي افتقدها أنا، والتي جعلت الناس يفضلونه عني وبسببها أصبحت أنا أدنى اقل شانا من الذكر. كما يحدث هذا في جميع المجتمعات تقريبا.
هذه أهم التعليقات التي تلقيتها من الشريحة التي استطلعتها للإجابة على سؤالي، طبعا لا يمكن تعميم هذه الإجابات والاعتقاد على جميع الإناث والشرائح المجتمعية، ولا يمكن الاعتداد بنتيجة هذا الاستبيان، ولكن هذا على الأقل يعطينا فكرة عن واقع موجود لا يمكن إنكاره في كثير من المجتمعات في العالم، خصوصا في المجتمعات المحافظة، ونلمسه أكثر كلما ابتعدنا عن المدينة والحضر وذهبنا إلى الريف والبادية والقرية. ترى هل ستكون الأسباب والإجابات هي نفسها إذا طرحت سؤالي هذا على ذكور؟
إنما دفعني إلى ذلك هو الطريقة التي يعامل بها الذكر مقارنة بالأنثى حتى من قبل الأم في معظم مجتمعات العالم تقريبا، وانتشار ثقافة تفضيل الذكور على الإناث، والتي نلمسها في الأغاني الشعبية وعندما يتمنى الناس لعروسين جديدين أن يبكرا بالولد. وفي الواقع المؤسف الذي يجعل تفضيل المولود الذكر سببا في تطليق الزوجة التي يرزقها الله بالإناث فقط، أو التعدد عليها ونعتها بكلام مؤلم عادة يكون جارح لمشاعرها. إضافة إلى معاملتها بعدم اهتمام من قبل زوجها وبعض أهله، خصوصا من قبل والدة الزوج، وقد يصل إلى حد الإهانة رغم أن ولادتها للإناث ليس لها يد فيه، ولو الأمر بيدها لولدت ذكورا، وتثبت نظرية حديثة أن مسئولية تحديد جنس الجنين تقع مناصفة بنسبة خمسين في المائة على عاتقيهما معا، ولكن رغم ذلك فلا يختار أي منهما ذلك وهذا يرجع إلى مشيئة الله وإرادته وحكمته. وقد أصبح هذا هو الراجح بعدما كان سائدا أن الرجل هو المسئول وحده عن تحديد جنس الجنين، والله اعلم.
كذلك الواقع الذي بات يشكل هاجسا ويغض مضاجع المسئولين في بلاد كالصين والهند التي بلغت فيها حوادث وئد وإجهاض الأجنة الإناث مبلغا عظيما، وبات يدق ناقوس الخطر، وأصبح يشكل تهديدا كبيرا للتوازن السكاني، الذي يمكن أن يصيب البلد في مقتل على المدى الطويل، بل أن هناك تقارير ظهرت في الصين تثبت انه بالفعل قد أصبح عدد الإناث محدودا مقارنة بعدد الذكور الباحثين عن الزواج. وفي الهند بلغ الأمر أن ظهرت هناك مجموعات من أطباء تشبه المافيا، يقومون بإجراء عمليات الإجهاض سرا، لدرجة أن كثيرين نادوا بحظر أجهزة تصوير الأرحام، وجميع الأجهزة الأخرى التي تمكن من التعرف على جنس الجنين، في أطوار تخلقه المختلفة وهو ما يزال في بطن أمه.
وختاما نحمد الله الذي لم يهب البشر القدرة أن يقرروا ويتحكموا في أي الجنسين ينبغي أن يتخلق في بطن أمه، دون اللجوء لتدخلات معملية معقدة، والتي أثبتت عيوبها الكثيرة. ترى هل سيجن جنون العالم في يوم من الأيام ويتوصل الناس لإنتاج عقار أو طريقة سهلة تجعل كل زوجين يحددان جنس جنينهما بسهولة حتى قبل الجماع؟ وهل سيظل الناس بنفس هذا التفكير في تفضيلهم للذكر عندما يحين ذلك اليوم؟ أم سيحدث العكس إذا حدثت طفرة في الاستنساخ والعلم تجعل المرأة لا تحتاج لذكر لتنجب طفلا، فتصبح قادرة على تلقيح نفسها بنفسها والتحكم في تحديد جنس الجنين. أسئلة اطرحها وأبثها في الفضاء لتظل عالقة كذبذبات، ربما سيجيب عليها البشر بعد قرنين، عشرة قرون، مليون، أو مليوني سنة من الآن، إن قيض الله عز وجل لهذا الكوكب مديد عمر.
ولكم تحيات جاكس
0 التعليقات:
إرسال تعليق