بركلة خفيفة من مشط قدمه الأيمن، غير اتجاه زوجيّ الشبشب اللذان يقبعان أمام باب الحمام، وفي تزامن دقيق أمسك بمقبض الباب وفتحه بهدوء حذر حتى لا يحدث أي جلبة توقظ زوجته المدمنة للنوم، وفي الوقت الذي انفتح فيه الباب كانت قد تخطى زوجيّ الحذاء حدود الباب واستقرتا في الاتجاه الصحيح، شعر بزهو طفيف.
فور دخوله الحمام، امتدت يده الممسكة بالصحيفة اليومية لتضغط على زر الإضاءة، وفي نفس الوقت امتدت يده الأخرى لتعيد إغلاق الباب من خلفه من دون أن يغير اتجاهه، تم كل ذلك في شيء يشبه البرمجة. حرر الشطّاف من قاعدته المثبتة على الحائط، ووجهه إلى مقعد التواليت وهو يضغط على زره لينبجس الماء ليزيل أي ذرات بولية ربما يكون قد تركها في زيارته السابقة إلى هذا المحراب عندما صلّى الفجر، فمن غيره يترك رشاش بوله وهو الوحيد في البيت الذي اعتاد على التبول وقوفاً.
أعاد الشطاف إلى قاعدته، ثم استدار وامتدت يداه إلى طرفي الشورت ليميطه عن مؤخرته وفتحة شرجه... جلس ليمارس عادته اليومية المقرفة، ممنياً نفسه بإنتاج برازي معتبر وثمين يتناسب ويساوي على الأقل 25% من وجبة الدجاج المقرمش الدسمة التي ترك العنان لشهيته الجارفة لتعيس فيها افتراسا مع أفراد عائلته في الليلة التي افلت عنها الشمس أمس.
لم يلقِ بالاً لعضلات بطنه وشرجه... تركها تمارس عملها الغريزي دونما تدخل أو قسر أو استخدام للقوة والضغط والإكراه الذي أصبح السمة السائدة في عالم اليوم. كان في هذه اللحظات البول ينساب من قضيبه في دفق غزير بطريقة اتوماتيكية، لا بأس من بعض الانتظار لبدء عملية الإخراج الآخر... فقد اعتاد أن يستخدم الحكمة في كل أموره، وورث عن والده سياسة عدم التعجل إلا عندما تستدعي الضرورة ذلك... على كل حال أمامه مساحة زمنية تمتد لربع ساعة مخصصة لهذه الجلسة الصباحية الروتينية.
تناول الصحيفة التي وضعها على سطح الغسالة، وطفق يطالع العناوين الرئيسية في الصفحة الأولى، ثم انتقل إلى الأعمدة الهامة، ومع كل معلومة يزدردها عقله تحث تفكيره فتولد وتتداعى أفكار أخرى كثيرة ابعد من جدران هذا المحراب الصغير وأحيانا تتخطى حدود العالم والكون، ولطالما تولدت معظم أفكاره المصيرية من داخل هذه الغرفة الضيقة التي بالكاد تزيد عن مترين في ثلاثة أمتار. وهو لا يدرك سر الإلهام الذي يتهافت عليه في هذا المكان المرتبط بالقاذورات، هل هو قذر إلى هذه الدرجة؟ ترى هل العملية عملية طردية لها علاقة بإخراج الفضلات فتفسح مكانا في العقل لتولد الأفكار؟
شغلته الصحيفة والأفكار الكثيرة التي أخذت تلتمع وتتزاحم في عقله عن شأن عمليته الإخراجية التبرزية، وبعد أن انقضى الوقت المخصص لها ولقراءة الأعمدة الهامة في الجريدة وحل وقت تفريش الأسنان، تنبه إلى أن عضلاته لم تستطع إخراج الفضلات التي يشعر بها تقبع في أمعائه. فقرر أن يمارس الضغط والقوة، ولكن بالرغم من محاولاته المتكررة لم تفلح القوة والضغط باستنطاق فتحة شرجه لتقر. يا لها من أمعاء غليظة عنيدة، فما كان منه إلا أن قرر أن يرجئ العملية إلى وقت آخر عندما لاحظ انه سرق بعض الدقائق من الزمن المخصص لتفريش أسنانه والاستحمام، فلا بأس من استخدام سياسة طول البال والنفس الطويل مع الأمور الشائكة، عملا بالمثل الذي سبق أن ألّفه قبل فترة: (إذا عصلجت معك اتركها وعد إليها لاحقا).
وبعد أن فرغ من عملياته التواليتية تلك خرج من الحمام، وأدرك سر عدم تبلور الأفكار التي تزاحمت في عقله اليوم في داخل الحمام فلم يخرج بفكرة معتبرة كعادته كل يوم، فما كان منه إلا أن ربط فشله الذريع في العملية الإخراجية التبرزية بعدم تبلور أي فكرة من الأفكار التي جالت بذهنه اليوم، ترى هل لهذا علاقة بعدم الإخراج... وتُرى هل سيشهد العالم ولادة نظرية علمية جديدة ستكسر الدنيا؟ ابتسم ساخرا من نفسه وأغلق باب البيت وهو يهرول ليدرك دوامه قبل أن يدهمه زحام المرور.
0 التعليقات:
إرسال تعليق