كان الخياط منهمك في عمله... أمسك بقطعة من القماش واخذ يقصها بمقصه اللامع الباهظ الثمن وحولها إلى عدة قطع.
وضع الخياط المقص عند قدميه، ثم أخذ إبرة صغيرة وشرع يخيط قطع القماش تلك، وحولها إلى ثوب في غاية الروعة، اروع من ثوبي الذي أرتديه الآن. وعندما فرغ من مهمته تلك، غمرته شآبيب الرضا فابتسم وهو يغرز الإبرة في عمامته كعادته دائما (ملحوظة: النجار يضع ثبت الرصاص بين اذنه ورأسه).
كان ابن الخياط يراقب ذلك بانتباه شديد، فقال لوالده: “أبي، لا شك أن المقص باهظ الثمن، ويبدو جميل جداً. لكن رغم ذلك فإنك تلقي به عند قدميك. أمّا الإبرة فإن قيمتها لا تكلف شيئا تقريبا مقارنة بالمقص؛ وبإمكانك الحصول على عشرة مقابل ريال واحد. ومع ذلك، فأنت تضعها بعناية في عمامتك. هل هناك أي سبب لهذا السلوك الغير المنطقي يا أبي؟”.
أجاب الأب: “نعم بني. صحيح إن المقص يؤدي وظيفته، ولا شك في ذلك، ولكنه يقص القماش فقط. أما الإبرة، على العكس من ذلك، فهي تجمع ما بين قصاصات القماش وتعزز من قيمتها عندما تحولها إلى ثوب. لهذا السبب فإن الإبرة بالنسبة لي أكثر قيمة من المقص. إن قيمة الشيء تتوقف على ما يؤديه من فائدة يا بني، وليس بناء على تكلفته أو مظهره”.
وبالمثل يا أحبتي وقراء مدونتي الكرام، هناك صنفان من الناس في هذا العالم، أولئك الذين كل همهم خلق الخلافات والتنافر بين البشر وحتى الحجر، الذين يفرقون بين الناس؛ وصنف آخر... أولئك الذين يعملون على إحلال السلام والوئام بين الناس. الصنف الأول عادة يمثل الأغنياء من الناس، وذوي النفوذ السياسي والملوك والرؤساء؛ والآخر يمثل بشكل عام البسطاء والفقراء وهم الأكثر قرباً من الله. فالمال والسلطة يفسدان قلوب الناس، إلا من رحم ربي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق