الأربعاء، أبريل 29، 2009

هل السعودية للسعوديين؟

في إدراجي السابق عن قصة بناء حقل الشيبة النفطي العملاق في هذه المدونة، الذي حاكت قصته الإعجاز في صحراء جرداء خالية من أي نوع من الحياة الإنسانية تقريبا إلا من بعض البدو هنا وهناك، هذه القصة ربطتها بمقال كتبه الكاتب السعودي زياد عبد الله الريس في جريدة الحياة:
http://ksa.daralhayat.com/perspectives/04-2009/Article-20090428-ee31a8a5-c0a8-10ed-00fa-e78f834da31b/story.html

عن دعوة يتبناها بعض الشباب حاليا في السعودية حسب كلامه وشعارها كان نفس الشعار الذي تبنته النازية وهو Saudi Arabia is full.. Go home، أي أن السعودية مكتفية عودوا إلى دياركم... وقال إن دعوتهم هذي موجهة للأجانب... وشبه الكاتب هذا التوجه بأنه ضرب من ضروب النازية، وقال ما معناه إن السعودية ظلت قبلة المسلمين لأنها مهبط الوحي وارض الرسالات والانبياء، التي طالما هفت اليها افئدة الناس من اركان الدنيا الاربعة (لا ادري ان كان للدنيا اركان ام لا لانها كروية) وفتحت ذراعيها للغرباء واحتضنتهم، فلا يجب أن تظهر فيها مثل هذه التوجهات، وأعجبني كلامه المتجرد والمحايد رغم انه كاتب سعودي، فكان موضوعيا بحق.
وما أريد قوله أو إضافته، هو انه لا يخفي على احد ما يسمى بغريزة كُره الأجانب، والتي تكاد تكون مغروسة في نفس أي إنسان وتتفاوت حدتها من شخص إلى آخر حسب عوامل عديدة، وهذا الكلام لا يصدر من شباب السعودية أو دول الخليج فحسب، بل لا توجد دولة في العالم لا يتبرم مواطنوها، أقول مواطنيها ولا أقول أصحابها، لأن أصحابها هذه كلمة لا تليق بالانسانية، حيث انه لا توجد ارض أو دولة لها أصحاب، فالعالم كله ملك لرب العالمين خلقه لعبيده أجمعين، كي يضربوا فيه ليبتغوا من فضله، والدليل على ذلك انه خلقه من دون جدران أو حواجز إسمنتية كالتي فعلها العدو الاسرائيلي، تفصل بين ملة من الناس وأخرى، وقال الله تعالى ما معناه خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، فمتى ما طاب لإنسان المقام في أي بقعة فليتخذها مسكنا ويحترم أهلها ويبتغي من فضل الله ويعيش ويتعايش بسلام معهم، إلى أن يشاء الله له مخرجا، أو يعود من حيث أتى أو يتوفاه الله فيها، وهل يوجد نسل في أي بلد في الدنيا صافي وغير مختلط من أجناس أخرى؟ فمثلا لوني القمحي الفاتح هذا من أين أتى، رغم ان أهلي سمر وسود كالفحم؟ فلو لم يأتي إلى إفريقيا بعض المهاجرين من ذوي البشرة الفاتحة من بقاع بعيدة، وتزوجوا أو اغتصبوا أو نكحوا او ضاجعوا (سموها ما تشاءون) جدة جدة جدة جدة جدة جدة جدتي لأمي (الله يرحمها)، وربما افترسها احدهم بينما كانت تحتطب، او تجلب الماء من النهر الذي تقع قريتها على ضفته، فجندلها مضاجعا ايّاها (اقول ربما) وطبعا كان هذا قبل آلاف السنين، وهكذا نتج لوني هذا (وهل يوجد تفسير اخر؟). بالمناسبة هذا ذكرني بما كان يفعله بعض الانجليز المستعمرين في السودان، اذ يقال والله اعلم (وطبعا هذا لا تحويه كتب التاريخ التي تم تنظيفها) انهم كانوا يغتصبون النساء السودانيات، ويقال ايضا ان الواحدة منهن كانت من شدة تقديسها لشرفها كانت تقذف بنفسها في النيل (لا ادري هل ذهبن كلهن ضحايا للنيل والسمك ام فعلت ذلك واحدة او اثنتين وضخم رواة التاريخ الامر وقالوا كلهن) وهذا يقال ايضا انه حدث لليبيين من قبل المستعمر الايطالي البشع، اذ كان الايطالي ابن الزانية، كان عندما يكون بداخل بيت ما ينتهك عرض احدى نساءه، كان يضع قبعته خارج البيت وهي علامة ممنوع الاقتراب والتصوير ان (في بيتنا رجل)، وهذا ايضا يقال انه فعله الفرنسيس التافهين في كثير من نساء المغرب العربي الشريفات، وفعله البرتقاليين في الفلبينيات وغيرهن، وربما حدث للسوريات والمصريات والعراقيات و و و و و ، ونتج عن هذا في زمن الاستعمار وجود مواطنين بعيون زرق، والله اعلم، انا فقط انقل ذلك من بعض كبار السن، وهذا ليس بمستبعد ان يقوم به المستعمرين التافهين، فهم ارتكبوا فظاعات ابشع من اغتصاب النساء بكثير، وما حدث في البوسنة ليس ببعيد، وليس من المستبعد ان يكون هذا الكلام صحيح وحدث فعلا في تلك الازمنة.

هكذا هي طبيعة الأشياء وهكذا يجب أن تكون. ونفس دعوات طرد الاجانب نسمعها أيضا في السودان الآن، بعد استغلال النفط وحراك الاستثمار الأجنبي، وبعد أن غزا الأسيويين وعدد كبير من الجنسيات الأخرى سوق النفط وبعض مجالات التجارة والصناعات الأخرى، فبات هناك ما يشبه التذمر والشكوى من شباب عاطلين متعطلين عن العمل، وهم يرددون نفس ما يقوله هؤلاء الشباب السعوديين أصحاب هذا التوجه موضوع مقال جريدة الحياة.
طبعا هذا كلام فارغ، وأنا أتعجب من شباب ليس لديهم أي خبرات تذكر وفي نفس الوقت يتفلسفون وينادون بمثل هذه التوجهات العنصرية والنازية، وهم يتناسون انه لو لا خبرات هؤلاء العمالة مهما قل شأنهم، لما تم تعمير البلد، وان التعدد الثقافي والاثني في أي بلد يعد من أهم العوامل التي تكسب مواطني البلاد الأصليين المهارات والخبرات إضافة إلى نقل الخبرات من بلدان المهاجرين وهذا من أهم العوامل التي جعلت أمريكا أقوى دولة في العالم. وأنا اجزم أن هؤلاء الشباب في قرارة أنفسهم يدركون ذلك جيدا، ويدركون أيضا انه لو لا تقاعسهم بغض النظر عن سبب هذا التقاعس، لما جاء هؤلاء الأجانب الذين ينادون برحيلهم أصلا.
ولا احسب أن أصحاب الشركات والقائمين على شئون المشاريع التي تشغل هؤلاء الأجانب في أي بلد من بلدان العالم أغبياء إلى هذه الدرجة، يقومون بتشغيل الأجنبي القادم من بلاد بعيدة لو لم تكن هناك أسباب وجيهة تدعوهم إلى ذلك، هذا طبعا ناهيك عن شح عدد السكان وصعوبة تغطية شواغر الوظائف التي تحتاج إلى خبرات غير متوفرة بكثرة في البلد، وذلك لكثرة المشاريع القائمة والثروة الهائلة في البلد، حيث كل يوم تشهد معظم المدن عشرات المشاريع الجديدة، أضف إلى ذلك تأفف المواطنين من بعض الأعمال سواء كانت لدونيتها مثل مهن جمع القمامة، أو لمشقتها مثل مهن البناء والتشييد ورصف الطرق وخلافه. وأريد أن أقول لهؤلاء بدلا من البربرة والكلام الفارغ الذي ليس له لزوم، عليهم أن يعملوا بصمت ويجتهدوا ويكوّنوا خبرات ويثبتوا جدارتهم كما أثبتها كثير من أبناء جلدتهم وشغلوا مناصب حساسة وهامة في اكبر المشاريع وأصبحوا مضرب الأمثال تفتخر بهم أوطانهم كالعالم عبد الله الربيعة مهندس فصل الاطفال السياميين، فما الذي جعل هؤلاء يصلون إلى القمم، وجعل المتفلسفين محلك سر، يلجئون إلى الفلسفة والكلام المالوه لزوم؟ طبعا السبب واضح ولا يحتاج إلى تفسير، وليس كما يظن أولئك انه يعود لشح الفرص وان الفرص يستحوذ عليها الأجانب، الفرص يا سادتي تصنع، طالما يوجد عقل ينبض. كما أن الأمور إلى زوال، فدوام الحال من المحال، ولن يستمر الوضع إلى ما هو عليه إلى أبد الآبدين، فحالما تتغير الظروف والأوضاع، شيئا فشيئا، ستجد أن مواطني البلد عندما يصبحوا أكفاء وأصحاب خبرات ومنضبطين في أداءهم للعمل، ستجدهم بالتدريج حلوا محل الأجانب، طبعا لن يحلوا محلهم كلهم لأن هذا مستحيل، ولن يحلوا فجأة، لأنه يندر أن تجد دولة تستطيع أن تتخلى عن الأجانب ما عدا دول قليلة جدا، وحتى بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا أعظم الدول الصناعية في العالم لن تستطيع أبدا أن تتخلى عن الأجانب لدرجة أن أمريكا يرأسها الآن اسود داكن البشرة، أو عبد بتعريفنا العنصري واصله ليس هو أمريكا بل ينتمي إلى أحراش كينيا وجدته سوداء تشبه اللاتي كان يشتريهن العرب والأوربيين في سوق النخاسة أيام عهود الاستعباد، وكثير من البيض اليانكيين الذين يتميزون بعجرفتهم ومحاولاتهم المتعددة طرد الأجانب وتطبيق سياسة الفصل العنصري منذ أمد طويل، ولا ننسى ظاهرة الكوكس كلان التي كانت تحارب السود والأجانب، فبالرغم من وجود هذه التوجهات والدعوات لرمي الأجانب خارج الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هذا البلد الأقوى عالميا ما يزال يستقبل سنويا أكثر من 50 ألف مهاجر بطريقة نظامية وبنظام القرعة هذا ناهيك عن المتسللين والمتخلفين، وبريطانيا امتلأت بالأجانب لدرجة انه تعالت أصوات المتعطلين بترحيلهم، ولكن هل ستستجيب دولهم لهذه المطالب؟ طبعا هذا مستحيل، يمكن أن يحدث تنظيم وترشيد ولكن لا يمكن طرد جميع الأجانب، لأن ذلك سيكون له أثار مدمرة على الاقتصاد، وفرنسا ودول وسط أوروبا تعج بمهاجري دول المغرب العربي، والأمثلة لا تنتهي وليس لها حد.
من هذا يتضح أن العالم باتت حدوده شبه وهمية وفعلا أصبح قرية صغيرة، ويتوقع الخبراء أن يشهد المستقبل تعاظم الهجرة بين الدول لأسباب كثيرة جدا. وفي النهاية واكرر للمرة الثانية إن الإحلال يأتي عندما يركز كل شاب على اكتساب الخبرة الجيدة، ويتسلح بالعلم والمهارة، ويصبح محبا للعمل والانجاز وينمي في نفسه روح الابتكار والقدرات والإبداع كما يشتهر بذلك الفلبينيين مثلا، عندها فقط سنجد أن أي إنسان لديه خبرة ويشكل رقما صعبا في معادلة خيار أرباب العمل، سيفرض نفسه فرضا لكي يتم تفضيله عن أي إنسان آخر وحتى ولو كان يحمل الجنسية الأمريكية وعيونه زرق من الذين تهتز لهم فرائص العرب وينحنون لهم. أما مثل هذه الدعوات التي نسمعها هنا وهناك، فهي لا تغني ولا تسمن من جوع ولن تؤدي إلى شيء أبدا، وهذه تدل على عجز هؤلاء المبطن وسذاجتهم ولين عودهم وشعورهم بالنقص، إضافة إلى افتقارهم لروح العزيمة والإصرار والابتكار وانهم غير قادرين على بذل مزيد من الجهود لتطوير أنفسهم، والسعي والبحث بجد عن فرص عمل ومحاولة خلقها من العدم، حتى ولو دعتهم الظروف لكي يهاجروا إلى خارج بلدانهم طلبا للعلم واكتساب مزيد من الخبرات والمهارات لفترة مؤقتة، ولا شك عندما يعودون سيكونون غيروا جلودهم تماما. ولينظر كل من هؤلاء إلى والده أو جده وكيف كدح وجد في العمل في ظروف كانت غير مؤاتية مقارنة بحال الشباب اليوم، حتى أصبحوا بالاجتهاد والمثابرة في مراكز جيدة، ومنهم من بدأ كعامل بسيط في السوق، أو موظف صغير وشيئا فشيئا (وبتشغيل مخه) أصبح بعد فترة من أصحاب الملايين، وعوضا عن كونه كان يبحث عن عمل أصبح هو الذي يخلق فرص العمل للآخرين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق