الأربعاء، أبريل 29، 2009

سواعد تصنع المعجزات


قصة حقل الشيبة النفطي الذي يقع في صحراء الربع الخالي في السعودية وهو حقل ضخم غني عن التعريف كما يوضح هذا الفيلم قصة انجازه في ما يشبه الاعجاز. موضوع هذا الفيلم ذكرني بأيام جميلة عشتها عندما كنت اعمل في الصحراء الليبية وتحديدا بالقرب من مدينتي (أوجلة وجالو) حيث يقع بالقرب منها حقل آمال النفطي التابع لشركة موبيل أويل سابقا، الفيبا حاليا بعد عملية اللبلبة مع الفارق في حجم الحقل الليبي وحقل الشيبة موضوع الفيلم من حيث الانتاج والضخامة طبعا، ولكن كل شيء يشبه بعضه تماما بين هذا وذاك، وانا اتابع هذه المشاهد تذكرت تك الايام الخوالي، وتخيلت نفسي وانا اتجول في جنباته ومعايشته بشكل واقعي على مدى أكثر من خمسة سنوات هناك في ليبيا.

حقا أنها لأيام رائعة أثرت حياتي، عندما كنت من ضمن فريق إنتاج النفط في قسم التخطيط ثم قسم الصيانة والإنتاج، وكان الحقل عبارة عن أمم متحدة، يعج بجميع الأجناس والسحنات الذين وفدوا من جميع أنحاء العالم، كل في مجال خبرته وتخصصه، يسهمون جميعا في تحويل الصحراء إلى واحة منتجة تساهم في الاقتصاد، فيما يشبه الإعجاز حيث تتحول الصحراء القاحلة إلى واحة صناعية تدب فيها الحركة والحياة او كخلية نفط تنتج عسلا اسودا.

وعلى الرغم من أن الحقل موغل في وسط الصحراء إلا أن الحياة فيه من حيث السكن والمعيشة تكاد تكون أربعة نجوم، إذ تتوفر فيه كافة وسائل الراحة، واذكر انه توجد بالحقل صالة طعام ضخمة بها مئات الكراسي، ويخدمها امهر الطهاة وكنا نستمتع بأفضل أنواع الطعام. إضافة إلى اشتمال الحقل على وسائل ترفيه ورياضة رائعة جدا، وميادين لمختلف ضروب الرياضة من اسكواش وتنس وحوض سباحة وصالة كبيرة للألعاب وطاولات بلياردو، ومكتبة ضخمة من الأفلام الأمريكية مع صالة كبيرة لعرض الأفلام، كما كانت توجد بعض الصالات الصغيرة المزودة بتلفزيونات كبيرة الحجم، وكان ما يزال البث الفضائي يعتبر حديثا وفي بدياته في تلك الأيام، وقد شاهدت مولد قنوات السي ان ان ومجموعة الإي ار تي وقناة إم بي سي وأنا أعمل هناك وكانت فعلا نقلة حضارية رائعة، وشهدت تلك الفترة أيضا بداية غزو أجهزة الكمبيوتر المكتبية مجال العمل المكتبي، وما أزال اذكر برنامج الورد ستار وهو برنامج معالجة الكلمات الذي كان الأكثر شهرة قبل ظهور المايكروسوفت ويندوز واوفيس وابتكارها للماوس او الفارة والتي شهدت ايضا مولد برامجها في تلك الفترة أيضا، والحقل مزود بمطار صغير لنقل العاملين منه إلى العاصمة لقضاء الإجازات الكثيرة في السنة الواحدة التي يتمتع بها العاملين في مجال النفط عادة. وتترامى حول الحقل مجموعة من الآبار النفطية التابعة للحقل والتي كنت اضطر لزيارة كثير منها يوميا لأداء بعض الأعمال، يا لها من تجربة ثرة ما تزال محفورة في الذاكرة عرفتني بالكثير من الأصدقاء من جميع أصقاع العالم واستفدت منها كثيرا.

إلا انه وسط هذا الجو الجميل والرائع كانت تكدر صفوه عدم وجود نساء، إذ عادة لا توجد نساء أبدا في مثل هذه الحقول الصحراوية، والبيئة تكاد تكون ذكورية بحتة، واذكر انه في يوم من الأيام استضاف دكتور الوحدة الصحية التابعة للحقل وهو من جنوب إفريقيا ابنته وكانت في حوالي الثانية والعشرين حيث مكثت فترة قصيرة من الوقت في الحقل، واذكر إنني صادقتها حيث كنت ألاعبها الشطرنج في صالة الترفيه وكانت بارعة، وكان الجميع يحاولون التودد إليها واذكر إنني رأيت اكبر قدر من إصدار الابتسامات يصدره رجال إلى أنثى في تلك الأيام لدرجة ملفتة والكل يحاول التودد إليها طبعا كأنها مغناطيس في محاولة من العاملين لكسر روتينية العزوبية، وكانت حلوة المعشر كثيرة الضحك، وكانت تدرس الطب أيضا في امريكا. وكان وجودها لوحدها بين مئات الذكور مثار حديث مجتمع الحقل لفترة طويلة. واستمرت علاقتنا مع بعضنا البعض كأصدقاء شبه حبيبين لفترة طويلة وكانت دائمة الاتصال بي ومراسلتي، واذكر إنني سافرت مع والدها سوية إلى مالطا والتقينا بها هناك حيث مكثت هناك حوالي أسبوع.

وحيث إنني عملت في أكثر من حقل نفطي في ليبيا لاحظت اختلاف الآليات خصوصا السيارات التي يستخدمها العاملين في التنقل، حيث كانت السيارات الغالبة في حقل آمال هي سيارات اللاندكروزر الصحراوية، وهي طبعا سيارات غنية عن التعريف من حيث القوة والأداء في الصحراء، وكانت كلها باللون الأزرق الداكن وهو شعار شركة فيبا للنفط في ذلك الوقت، وفي حقل الواحة كانت السيارات الغالبة هي السيارات الفورد بيك آب وشعار الشركة هو اللون الأحمر، يا لها من أيام جميلة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق